فضل الصيام

فضل الصيام
نحن في هذه الأيام المباركة أيام شهر رمضان الذي جعله الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات كما ورد عن حبيب رب العالمين من بعثه الله رحمة للعالمين محمد بن عبد الله(ص) نقوم بوظيفة كبرى لا تشبهها وظيفة في هذا الوجود، وهي وظيفة الصوم تلك العبادة التي جعلها الله تعالى ركناً من أركان الإسلام وفرعاً من فروع الدين بمعنى أن الذي لا يؤدي هذه الوظيفة من الأساس أو أنه أداها ناقصة كان حكمه عند الله عز وجل كحكم المنكر لتشريعها من الأساس، فالوظائف المفروضة علينا من قبل ربنا تعالى لا يقوم مقامها وظائف أخرى ولا يسد فراغها غيرها فتبقى الذمة مشغولة حتى نرفع عنا التكليف عبر تطبيق حكم الله وتنفيذ إرادته من دون تردد إذ لم يكلفنا ربنا بما هو خارج عن حدود إمكانياتنا، وليس لأحد أن يدعي أن الله تعالى كلفه بأمر في غير مقدوره فهو بذلك ينكر العديد من الآيات الكريمة التي بيّن الله فيها عدم تكليف الإنسان بما هو خارج عن قدرته، فلو علم الله أن الإنسان عاجز عن تأدية هذه الوظيفة لما كلّفه بها من الأساس لأنه تعالى لا يظلم الناس مثقال ذرة، وقد جُعل هذا المعيار قاعدة في حياة الإنسان في حياته الدينية حيث ورد في حديث الرفع أنه رُفع عن أمتي ما لا يطيقون، يعني ما لا طاقة لهم به وما لا قدرة لهم عليه، هذا كله بالإضافة إلى العديد من الآيات التي أخبرت بعدم تكليف الإنسان بما هو فوق قدرته، فعدم تحمّل الإنسان للقليل من الجوع أو العطش لا يعني أنه لا طاقة له على الصوم، فالمعيار هنا هو الحالة العامة فمن كان الصوم مضراً به كان مستثنى من هذا الوجوب ولا إشكال في ذلك.
فالصوم عبادة عظيمة وكريمة لها فضل كبير وشأن عظيم عند الله عز وجل، ولن نتعرض إلى ذكر أنواع الأجر والثواب وتعداد أنواع الجزاء مقابل هذه العبادة إذا أُديت بالشكل المطلوب بل سوف نكتفي بذكر النص الأوحد الذي يظهر لنا بكل وضوح فضل الصوم وفضل ظرفه الزمني المبارك الذي عُدّ من خواص الأزمنة لدى الله جل ذكره، فأعظم ما يمكن قوله أو ذكره في المقام هو أنه تعالى جعل الصوم لنفسه وهذه الخصلة لوحدها تتكفل ببيان فضل الصيام الذي اختاره الخالق من بين سائر العبادات الأخرى وذلك مع الإنتباه إلى كون الصلاة عمود الدين والحج تشييداً له والجهاد عزاً للإسلام، فرغم وجود مثل هذه الخصوصيات لتلك العبادات يبقى الصوم هو العبادة التي ميزها الخالق القدير بسبب فحواها العظيم وجوهرها الكبير الذي يترجم صدق العبد وصحة إيمانه وإخلاصه وإذا لاحظنا الهدف الأسمى من إيجاب هذه الفريضة لأدركنا بأنه إظهار الإخلاص وتثبيته، فأنت بالصوم تترجم إخلاصك لربك، والصوم بحد ذاته يقوّي تلك العلاقة القائمة بينك وبين ربك، وهذا ما أشارت إليه سيدتنا ومولاتنا الزهراء البتول حيث قالت في أشهر خطبها: والصومَ تثبيتاً للإخلاص: وذلك بعد أن أشارت إلى علل الفرائض كالصلاة والحج والجهاد وأنهم أساس حياة الإنسان المؤمن وماء روحه وصفاء قلبه وسبب قربه من ربه وشعوره بهذا العناق العظيم الذي ليس مثله مؤنساً للمستوحش من مخاوف الحياة وأخطار العيش في الدنيا.
فالحديث الشريف الذي يُظهر لنا فضل الصيام هو قول رسول الله(ص) قال الله تبارك وتعالى كل عمل ابن آدم هو له غيرَ الصيام هو لي وأنا أجزي به: ومثله ما ورد عن الإمام الصادق(ع) في الكافي.
فأعظم مورد لبيان فضيلة الصوم هو أن الله تعالى أراده لنفسه وليس بعد هذا المورد ما يثبت هذه الحقيقة بالشكل المطلوب.



