قِصةُ دَعْوَةِ المُلوك إلى الإِسْلام
ومعركة خَيْبَر
حصلت هذه الدعوة في السنة السابعة للهجرة بعد أن اشتد ساعد الإسلام وانتشر المسلمون في بقاعٍ كثيرة، وكانت هذه من أهم الخطوات التي قام بها النبي(ص) حيث أثبت بأن الدين دينٌ عالمي وأنه مبعوث لكافة الناس، وقد ترجم القول بالفعل عندما أرسل الكتب والرسائل إلى مئة وخمسة وثمانين ملِكاً وحاكماً حول العالَم، كما وأثبت للناس كافة طريقة الإسلام في الدعوة إلى التوحيد وأنه يعتمد على الدليل والبرهان والإقناع، وليس على القهر والإجبار.
وقد اختار النبي(ص) ستة رجال من خيرة أصحابه للقيام بهذه المهمة التبليغية حيث حملوا كتب النبي إلى بقاع كثيرة من هذه الأرض في آنٍ واحد، وأهم تلك المناطق التي بُعثت إليها الكتب: إيران والروم والحبشة ومصر واليمامة والبحرين والحيرة، وقد أمهر الكتب بختمه الشريف(محمد رسول الله)
وكان من المبعوثين دحية الكلبي الذي بعثه النبي إلى قيصر الروم في القسطنطينية، وعبد الله السهمي إلى بلاد فارس، وحاطب بن أبي بلتعة إلى مصر.
وفي الوقت نفسه كان النبي(ص) والمسلمون وفي مقدمتهم الإمام علي بن أبي طالب(ع) يخططون لدخول خيبر والقضاء على فساد اليهود الذين لم يتركوا وسيلة إلا وآذوا بها النبي والمسلمين.
تقع خيبر على بُعد اثنين وثلاثين فرسخاً عن المدينة، وهي منطقة واسعة وخصبة، وقد سكنها اليهود وبنوا فيها الحصون والقلاع، وقد بلغ عدد سكانها آنذاك عشرين ألف نسمة، وكثيرٌ منهم شاركوا في غزوة الأحزاب ضد المسلمين.
فأراد النبي(ص) أن يقطع دابرهم ويخلّص الإسلام والمسلمين من خطرهم فذهب إليهم على رأس ألف وستماية مقاتل، وقد وضع خططاً عسكرية من شأنها أن تُضعف اليهود فقطع عنهم أية إمدادات عسكرية حيث حاصر خيبر من جميع جهاتها.
وبما أنّ قلاعهم قوية وحصونهم متينة فقد احتلّ النبي(ص) النقاط الحساسة في المنطقة، وقد تمركز اليهود في أبراجهم واستطاعوا بسبب مراكزهم الإستراتيجية أن يصمدوا في وجه المسلمين لمدة شهر.
وبعد هذا الحصار هاجم المسلمون حصونهم ففتحوا الحصن الأول وقد استُشهد من المسلمين واح وجُرح خمسون، ثم استطاعوا فتح الحصن الثاني دون وقوع أية خسائر.
وبعث النبي رجالاً لفتح باقي الحصون فلم يقدروا على ذلك، وعندها قال(ص): لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، كرار غير فرّار:
فأرسل النبي إلى علي فحضر على الفور ودفع إليه اللواء ودعا له بالنصر فتوجّه الإمام نحو الحصون فخرج إليه أخو مرحب فقتله على الفور ثم خرج إليه مرحب المغتر بنفسه ومدى قوته وهو مغطى بالدروع الحصينة فشقّ الإمام رأسه نصفين وكانت مصدر رعب لليهود الذين كانوا يعتمدون على فارسهم مرحب، وبعدها هرب جميع الذين كانوا برفقة مرحب واحتموا داخل حصونهم وقد بقي منهم مجموعة قررت أن تقضي على علي(ع) فنازلهم وقتلهم جميعاً ثم لحق بالفارّين فضربه أحدهم فأطاح بترسه فوقع من يده فانتزع(ع) باباً ثقيلاً من أبواب تلك الحصون وجعله ترساً، وبعد ذلك حاول ثمانية من أبطال المسلمين أن يحركوا ذلك الباب فما استطاعوا، وكان اليهود قد حفروا خندقاً بالقرب من حصونهم فوضع الباب الذي انتزعه جسراً على الخندق عبر عليه فرسان المسلمين، وعليٌ ممسك به كيلا يسقط في الخندق، وبهذا حقق المسلمون أعظم انتصاراتهم ببطولة أمير المؤمنين علي(ع) فسلام الله على النبي وابن عمه علي إلى يوم القيامة.

