Site icon الشيخ علي فقيه

تفسير سورة البقرة من الآية 74 إلى 83

تفسير سورة البقرة
من آية 74 إلى الآية 83

وصل الكلام إلى الآية الخامسة والسبعين من سورة البقرة حيث قال سبحانه(أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
الكلام عن اليهود، والخطاب هنا موجه للنبي(ص) وللمسلمين، والله تعالى يخبر نبيه والمسلمين بأن بعض أسلافهم كانوا يسمعون كلام الله في التوراة ثم يحرفونه ويتركون العمل به بعد أن أيقنوا بأنه كلام الخالق عز وجل.
(وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)
لقد انتشر المنافقون في بقاع الأرض فإذا التقوا بالمسلمين ادعوا بأنهم مسلمون وإذا اجتمعوا مع بعضهم البعض عاتبوا بعضهم إذ كيف تحدثون المسلمين بصفات محمد المذكورة في التوراة فإذا حدّثتموهم بذلك احتجوا عليكم، أفلا تعقلون من أنكم أسأتم لأنفسكم.
(أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) مهما كذّبوا ونافقوا وأخفوا الحقائق وأضمروا السوء للمؤمنين ألا يعلمون أن الله تعالى يعلم أسرارهم وما يعلنونه.
(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) ومن اليهود من كان يحفظ التوراة من دون دراية رجاء أن يثيبهم الله على ذلك كما يصنع بعض المسلمين عندما يحفظون آيات القرآن ولا يعلمون ما هو معناه فهذا وهم وظن وجهل.
(فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ)
وهنا يواعدهم ربهم بالعذاب لأنهم كتبوا التوراة المحرّفة بأيديهم وادعوا بأنها من عند الله عز وجل ليصلوا إلى أغراض لهم خاصة إما مادية وإما معنوية فهم يريدون المتاجرة بالتورتة المحرفة التي كتبوا فيها ما يرغب الناس به من أجل أن يأخذوا عنهم ما كتبوه، والله تعالى في نفس هذه الآية يذكر وعيده لهم مرتين مرة في أول الآية ومرة في وسطها ليؤكد على كونهم استحقوا العذاب بما كتبت أيديهم.
(وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) إدعى اليهود بأن النار التي واعدهم الله بها لن تمسهم سوى أربعين يوماً أي بعدد الأيام التي عبدوا فيها العجل، فرد عليهم الله تعالى بأنهم هل اتخذوا عهداً بذلك من الله عز وجل وأين هو هذا العهد إن كانوا صادقين، فإذا كان معكم ميثاق من الله بذلك فلن يخلف الله وعده ولكنكم تقولون على الله الكذب.
(بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) يردّ الله عليهم بأن السيئة التي ارتكبوها يستحقون عليها الخلود في النار لأنها سيئة لا تُغفر وهي الشرك بالله عز وجل فلقد أحاطت بهم تلك الخطيئة التي قال الله فيها(إن الله لا يغفر أن يُشرك به)
(وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) المعنى هنا في غاية الوضوح والنتيجة الطبيعية للإيمان الصحيح هي الخلود في جنان النعيم.
( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ) فلقد أخذ الله المواثيق من الذين آمنوا من اليهود بأن لا يشركوا بالله وأن يحسنوا للوالدين ويعطفوا على ذوي القربى واليتامى والمساكين وأن يكون كلامهم حسناً وأن يقيموا الصلاة بشروطها وأن يدفعوا الزكاة من أموالهم ولكن كثيراً منهم نقضوا العهود والمواثيق وأعرضوا عن الحق الذي هو سبب السعادة الحقيقية والنعيم الدائم فآثروا العاجلة على الآجلة.

Exit mobile version