
السقوط في الفتنة
ثم تابعت القول(هذا والعهدُ قَريبٌ ، والكَلْمُ رَحيبٌ، والجُرْحُ لمّا يَنْدَمِلْ، والرّسولُ لَمّـا يُقْبَرْ ، إبتداراً زَعَمْتُم خَوْفَ الفِتْنَةِ ألا في الفِتْنَةِ سَقَطوا وإنّ جَهَنّم لَـمُحيطَةٌ بالكافرين)
وبهذه العبارات تنبؤهم بالمصير المحتوم الذي سوف يواجهونه حيث ألقوا أنفسهم في التهلكة، وقد وبختهم بأن الحزن لم ينقص بعد، وأن الرسول لم يقبر، وقد تآمرتم على الإسلام قبل أن يدفن جسده الطاهر، وقد سبقتم بالقول أنكم تخافون الفتنة وقد أوقعتم أنفسكم فيها لأنكم مصدر الفتنة، وقد استشهدت(ع) بقول الله المنطبق عليهم(ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) وهذا تصريح واضح منها(ع) بأنهم خرجوا عن دين الإسلام وارتدوا بعد الإسلام كافرين.
ثم قالت(ع):
(فهيهات منكم، وكيف بكم، وأنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لايحة، وأوامره واضحة)
إنها عبارات تخبر عن مدى الأنة والأسى والألم والحزن من الأمة على الأمة، إذ ليس من السهل على المعصوم أن يرى دين الله يتلاعب به الناس ويجيرونه لمصالحهم الخاصة، وليس من السهل عليه أن يرى الظالمين يفرضون على الأمة أحكاماً جائرة باسم الدين الذي يتبرأ منهم ومن ممارساتهم الظالمة والهادفة إلى محو الحق وإطفاء نور الله عز وجل.
وهنا تتعجب الزهراء من صنعهم بالحق ماذا تصنعون ولماذا ترتكبون الأخطاء وكتاب الله معكم وبين أيديكم وفيه الحلال والحرام والمناهج التي سنها رسول الله بوحي من الله وهو واضح في أوامره ونواهيه وأحكامه وهذا حجة عليكم.
وقد استنكرت عليهم هذا الإهمال لكتاب الله متسائلة هل تخليتم عن القرآن أم أنكم تحكمون بكتاب غيره، ولذا قالت(ع)
(وقد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون؟ أم بغيره تحكمون؟)
ثم وجهت لهم توبيخاً يستحقونه بجدارة فقالت (بئس للظالمين بدلا ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبَلَ منه وهو في الآخرة من الخاسرين)
وهؤلاء ابتغوا غير الإسلام ديناً لهم فخسروا الدنيا والآخرة رغم سعيهم المستمر وراء الدنيا، وتابعت كلامها قائلة
(ثم لم تلبثوا إلاّ ريث أن تسكُن نفرتها ، ويَسلُس قِيادُها)
بمعنى أنكم تنتظرون الفرصة للإنقضاض على الدين وأهله بهدف التسلط، فتتحيلون الفرص السهلة لتأكلوا الشيء بشكل سهل وهو ليس من حقكم، أي أنكم تحبون اللقمة السهلة.
الشيخ علي فقيه


