الإِصْرَارُ عَلَى الذنْب
إن من علامات أهل التقوى عدم الإصرار على الذنب، فقد قال تعالى في محكم كتابه(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
واللافت في المقام هو أن الله تعالى جعل عدم الإصرار على الذنب علامة من علامات المتقين لأن عدم الإصرار على الذنب يدل على مدى خشية الإنسان من ربه، وفي مقابل هذه المجموعة يوجد مَن يصر على الذنوب ويستهتر بها ويجعلها جزءاً من حياته اليومية بحيث لا يهدأ له بال ولا يهنأ له عيش إلا بارتكابها، وفوق ذلك يعلنون جرأتهم على الله عز وجل ويبتهجون بالمعاصي التي يواجهونه بها، فلو علم هؤلاء ما في سلوكهم من العواقب السيئة والنتائج الوخيمة لرجعوا إلى الإستقامة في العقيدة والسلوك، والحجة عليهم قائمة، لأن الرسول وآله(ص) قد بيّنوا للأمة كل ما يبني لها الكمال الخُلقي والديني فلم يتركوا أمراً إلا وأشار إليه إما بالتفصيل وإما بالإجمال، فنتيجة الإصرار على ارتكاب الذنوب واضحة وقاسية لأنها تنتهي بشقاء صاحبها، فقد ورد عن رسول الله محمد(ص) أنه قال: من علامات الشقاء جمود العين وقسوة القلب وشدة الحرص في طلب الرزق والإصرار على الذنب:
ثم إن مزاولة الذنوب والإصرار على ارتكابها يُدخل إلى القلب ظُلمة وتحيط به غشاوة غليظة تؤدي إلى موته، وقد بيّن الرسول(ص) ذلك في تعداده للأمور التي تميت القلب حيث قال: الذنب على الذنب…:
فهناك ثلاثة أمور لها انعكاسات سيئة على صاحبها:
الأمر الأول: مسألة الإصرار على الذنب: وهي ما تجعل صغار المعاصي من الكبائر، فقد قال أمير المؤمنين علي(ع): أعظم الذنوب عند الله ذنبٌ أصر عليه عامله: وقال(ع): عجبت لمن علم شدة انتقام الله منه وهو مقيم على الإصرار:
الأمر الثاني: التبجُّح بالذنب: وهو أن يكون المذنب آمناً من سخط الله ومستهتراً بعاقبه فإن نفس هذا الإستهتار يجعل من المعصية الصغيرة معصية كبيرة، فقد قال الإمام علي(ع) :التبجح بالمعاصي أقبح من ركوبها: وقال(ع) :لا وزر أعظم من التبجح بالفجور: وقال(ع) :من تلذّذ بمعاصي الله أورثه الله ذلاً وقال الإمام زين العابدين(ع) : إياك والإبتهاج بالذنب فإن الإبتهاج به أعظم من ركوبه:
الأمر الثالث: موت القلب بركوب المعصية: وهذا أمر قد لا يشعر به الإنسان إذا اعتاد على ارتكاب المعاصي.
الشيخ علي فقيه

