كبائر الذنوب

سِلْسِلَةُ كَبَائِرِ الذنُوْب

وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْساناً

 

 

وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْساناً

 

إنها عبارة أطلقها القرآن الكريم، رددها في أربع سور ليؤكد على أهميتها، بل على أهمية الإلتزام بها لأنها ترسم طريقاً سهلاً للحياة الدنيا ولحياة ما بعد هذه الحياة حيث أن للإحسان إليهما فوائد وآثار على مستوى الدنيا والآخرة.

ففي سورة البقرة قال سبحانه(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ)

وفي سورة النساء قال تعالى(وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا)

وفي سورة الأنعام قال عز وجل(قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)

وفي سورة الإسراء قال سبحانه(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)

وقد سُئل رسول الله(ص) عن حق الوالدين على ولدهما فقال: هما جنتك ونارك:

يعني يمكن أن يكونا سبباً في دخولك الجنة إن أطعتهما وأحسنت إليهما، ويمكن أن يكونا سبباً في دخولك إلى النار بسبب العقوق لهما.

وقال أمير المؤمنين علي(ع) : برُّ الوالدين من أكرم الطباع:

وقال(ع) : بر الوالدين أكبر فريضة:

وقال الإمام الرضا(ع) : إن الله عز وجل…أمر بالشكر له وللوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله: وفي هذا الأمر قال الله تعالى(أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)

وفي بيان عظمة الوالدين ووجوب الإحسان إليهما قال الإمام زين العابدين(ع): اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف، وأبَرُّهما بِرَّ الأم الرؤوف، واجعل طاعتي لوالديَّ وبرّي بهما أقرّض لعَينَيَّ من رقدة الوسنان، وأثلج لصدري من شِربة الظمآن، حتى أوثر على هواي هواهما:

 

مَعْنَى التكْرَارِ فِي القُرْآنِ المَجِيد

 

لقد عودنا كتاب الله العزيز أن يُلفت أنظارنا إلى الأمور الكبرى والمسائل الحساسة والمبادئ الضرورية عبر تكرار ذكرها فيه، إما في نفس السورة في آيتين متعاقبتين، أو في نفس السورة مع وجود فصل بين الآية والآية بآية أو آيات، أو في مجمل السور.

أما مثال ما يتكرر في نفس السورة في آيتين متعاقبتين، قوله تعالى(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا  إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) فلقد أراد سبحانه من خلال هذا التكرار أن يؤكد لعباده حلول اليسر بعد العسر كي يطمئنوا وترتاح نفوسهم.

وأما مثال ما يتكرر في نفس السورة مع وجود فاصل بين الآيات فهو قوله تعالى(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ  وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)

فلقد فصلت آية بين قوله(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وقوله(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) آية لا علاقة لها بالمعنى المراد.

ومثال ما يتكرر في أكثر من سورة هو موضوع الإحسان للوالدين حيث تعرّض القرآن إلى هذا الحكم في كلٍّ من سورة البقرة والنساء والأنعام والإسراء والعنكبوت والأحقاف، وهذا التكرار له معنى واضح، وهو أن الله تعالى يكرر بيان وجوب الإحسان للوالدين ليدلنا على عظمة الأمر عنده وعظمة آثاره من حيث الطاعة والعصيان، أو من حيث الإلتزام به وعدم الإلتزام له.

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى