
الآخرة
لقد خلقنا ربنا في هذه الدنيا وجعلها جسراً نعبر من خلاله نحو الآخرة وموطناً للعمل والإمتحان، فمن سار على هذا الأساس حذر من الدنيا وسعى للآخرة وبذلك يكون قد ربح الدنيا والآخرة، وهناك أشخاص لا يؤمنون بالآخرة من الأساس وهم الذين وصفهم الله بالكفار الذين ربما لم يؤمنوا بوجود الله حتى يؤمنوا بالآخرة، وهناك أشخاص يؤمنون بالله واليوم الآخر ولكنهم لا يعملون ما يلزمهم فعله تجاهها فحكمهم عند الله حكم المنكر لها لأن واجب الإنسان في هذه الحياة أن يعمل للحياة الدائمة الحقيقية التي لا نهاية لها وهي الآخرة التي وصفها الله بقوله(وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) فعلى كل إنسان في هذا الوجود أن يؤمن بالله تعالى وباليوم الآخر ويعملَ صالحاً حتى ينجو من العذاب ويكون في الآخرة من السعداء فلقد أمرنا الله تعالى في العديد من المواضع القرآنية بالإيمان الصحيح الشامل للإيمان بالآخرة مبيناً لنا نتيجة هذا الإيمان فقال تعالى(والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) والآخرة أمر أعظم مما يتصور الخلق فهي عالَم مختلف تماماً عن عالَمنا هذا وإن الخلق في ذلك المشهد العظيم سوف يرون غرائب الأمور وعظائم الأشياء، سوف يرون الأنبياء الذين أخبرنا الله عنهم في كتابه والذين لم يخبرنا عنهم وسوف نرى الأشقياء الذين وعظنا الله بنهايتهم كيف سيُعرضون على النار ويذوقون العذاب الأليم بما قدمت أيديهم في دار الدنيا، وسوف نرى هناك الملائكة والعرش والصراط والميزان والأنوار المختلفة وكل ما ذكره القرآن وما لم يذكره لأن القرآن الكريم لم يذكر كل شيء عن يوم الحساب والجنة والنار فمهما كان تصورك لتلك المشاهد عظيماً فإن المشاهدة سوف تكون أعظم حيث أعد الله هناك ما لم يخطر على بال إنسان من نعيم مقيم وعذاب أليم.
وها هو سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب يعظنا في الآخرة ويذكر لنا بعض أحداثها وخصائصها لنعمل بالعبرة ونأخذ بالموعظة فقال(ع) ألا أيها الناس إنما الدنيا عَرَض حاضر يأكل منها البر والفاجر وإن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملِكٌ قادر: وقال(ع) إنما الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع وإن المِضمار اليوم وغداً السباق:
وقال(ع) من حرص على الآخرة مَلَك من حرص على الدنيا هلك: وقال: الدنيا منية الأشقياء الآخرة فوز السعداء: وقال: إجعل لآخرتك من دنياك نصيباً: وقال: إن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل:
الشيخ علي فقيه



