
الإيمان والعمل
الإيمان النافع للعبد والمثمر له ليس مجرد شعور قلبي مجردٍ عن العمل والتطبيق، فلقد توهم العديد بأن الشعور القلبي لوحده نافع لصاحبه وإن قعد عن العمل، هذا وهم واضح وخطأ بيّن يُحدثُ خللاً في الموازين الإيمانية إذا لن نعمل بجدٍ على التخلص منه وتصحيح الأمر قبل فوات الأوان، فإذا ادعى أحدهم نفع الإيمان من دون عمل رددنا عليه بالعديد من الآيات الكريمة التي يُقرِن الله فيها العمل الصالح بالإيمان مما يكشف لنا بكل وضوح عن كون الإيمان من دون عمل كشجرة من دون ثمر، ألم يسمع هؤلاء قول الله تعالى(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) ولم يقل آمنوا فقط لأن المساءلة في يوم الحساب سوف تتم على العمل وليس على مجرد الشعور، وهنا ميزان خاص للإيمان والعمل يجب أن نعرفه ونسير عليه، وهو أن الإيمان من دون عمل لا ينفع وأن العمل من دون إيمان لا ينفع أيضاً بل لا بد من اجتماع الأمرين في آن واحد حتى نحصل على النتيجة المطلوبة، قال رسول الله: الإيمان والعمل أَخَوانِ شريكان في قَرَن، لا يقبل الله أحدهما إلا بصاحبه: وفي موضع آخر قال: لا يُقبل إيمان بلا عمل ولا عمل بلا إيمان: وقال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص: معنى ذلك أن حجم إيمان العبد بحجم عمله لأن العمل الصالح ما هو إلا تعبيراً عن الإيمان بالله الموتكز في قلب الإنسان، ومن هنا صحّ أن نسلب صفة الإيمان عن التارك للعمل حيث لا يمكن أن يتقوم الإيمان إلا به، وقد قال الصادق: ملعون ملعون من قال الإيمان قول بلا عمل: وها هو أمير المؤمنين علي يوضح لنا موضوع الإيمان أكثر فيقول: لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام، ومن هنا فإننا نقول للجميع لا تطمئنوا إذا لم تكونوا عاملين فإن العمل هو الضمانة لكم يوم القيامة، ونلاحظ بأن المعصومين سلام الله عليهم يسلبون صفة الإيمان عن العاصي لأن ارتكابه للمعصية يخرجه عن روح الإيمان، فقد قال رسول الله: إذا زنى الرجل فارقه روح الإيمان: وقال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن والتوبة معروضة بعد: وهذا يعني أن الإيمان قد يخرج من القلب عند المعصية ثم يرجع بعد التوبة النصوح التي لا يعود بعدها إلى ارتكاب الذنب.
ولا نعني بخروجه من الإيمان أنه أصبح مرتداً أو مشركاً بل نعني أنه أثناء قيامه بالحرام لا يكون مؤمناً فحاله أثناء المعصية كحال الكافر الذي لا يخشى ربه.
وقال(ص) من شهد أن لا إله إلا الله يُصَدِّقُ قلبُه لسانَه دخل من أي أبواب الجنة شاء: وقال: من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة، قيل وما إخلاصها؟ قال: أن تَحجِزه عن محارم الله: وقال: لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله مل لم يؤثروا صَفقةَ دنياهم على دينهم:
الشيخ علي فقيه



