
الصِدْقُ والمَودة بين الإخوان
قد يصاحب أحدنا صديقاً يحسبه وفياً وغيوراً وأخاً له في الدهر فيكتشف بعد مدة من الزمن أنه لا يتحلى بهذه الصفات ولا يستحق أن يحمل لقب الصديق أو لقب الأخ وذلك عندما يصدر منه ما لم يكن متوَقَعاً فيتخلى عنك في وقت الشدة وفترة المحنة وهو قادر على مساعدتك، أو أنك تكتشف بأنه صادقك من أجل مصلحة له عندك فإذا حصل على مراده تركك أو إذا أيقن بأنك لست قادراً على تحقيق هدفه تخلى عنك، هذا ليس صديقاً ولا أخاً ولا يجدر بك أن تضيّع وقتك معه لأنه يضرك أكثر مما ينفعك، ومن هنا ورد الحث على اختيار الأصدقاء الأوفياء الصادقين الذين هم عونٌ لك وليسوا يداً عليك، ولذلك قال أمير المؤمنين(ع) عليك بإخوان الصدق فأكثِر من اكتسابهم فإنهم عُدّةٌ عند الرخاء وجُنة عند البلاء: ومن هنا قيل بأن الصديق يُعرَف عند الضيق فإذا كان صديقاً صادقاً وقف إلى جانبك وأما إذا لم يكن كذلك فما عليك سوى البحث عن صديق تنطبق عليه صفات الصداقة وعلائمُها، واختيار الأصدقاء أمر ضروري للغاية لأن الجميع يحتاج بعضهم إلى بعض فلا يمكن للإنسان أن يعيش وحده بل لا بد من وجود أُلفة بينك وبين بعض الأشخاص لتسكن نفسك إليهم وتبث شكواك لهم ولذا ورد أن فاقد الأصدقاء خاسر كما ورد عن الإمام الصادق(ع) أنه قال:من لم يرغب في الإستكثار من الأخوان ابتلي بالخسران:
وقال(ع) المرء كثير بأخيه: وهذا الأمر لا يحتاج إلى شيء من التوضيح لأننا نعيشه يومياً فنرى من لا أصدقاء له كسيراً وضعيفاً وذليلاً أما صاحب الأخوان فإنه قوي وعزيز.
فعلى الإنسان أن يسعى لاكتساب الأخوان بأسلوبه الحسن وسلوكه الجميل وأخلاقه الفاضلة فمن لم يستطع أن يكسب الأصدقاء فهو عاجز، والأعجز منه هو الذي يضيّع أصدقاءه الذين اكتسب صحبتهم ومودتهم، ولهذا قال علي(ع) أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان وأعجز منه من ضيّع مَن ظَفِرَ به منهم: وقال رسول الله(ص) إستكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعةً يوم القيامة: وأما بالنسبة للمودة بين الإخوان فقد قال علي(ع) لا يكون أخوك أقوى منك على مودته: فمودة المؤمن عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، ويقول الصادق: مِن حُبِّ الرجل دينَه حبُه أخاه: ويقول النبي الأعظم(ص) ألا وإن وُدَّ المؤمن من أعظم سبب الإيمان: ويقول علي: أحبب الإخوان على قَدرِ التقوى: ويقول الصادق: حب الأبرار للأبرار ثوابٌ للأبرار وحب الفجار للأبرار فضيلة للأبرار وبغض الفجار للأبرار زَينٌ للأبرار وبغض الأبرار للفجار خِزيٌ على الفجار:
الشيخ علي فقيه



