أُخْلاقُ المُسْلِم

أنواع الجهاد

أنواع الجهاد

 

 

أنواع الجهاد

 

لقد وجّه الكتاب العزيز أكثر من أمر بالجهاد، والجهاد في سبيل الله عز وجل لا ينحصر في حمل السلاح فقط فإن هناك أنواعاً من الجهاد لا علاقة لها بحمل السلاح، وهناك مؤمنون لا يطيقون القتال ولا يُحسنونه ولكنهم يقدرون على نوع آخر من الجهاد وهو الجهاد بالمال والكلمة والقلب، فلو مهّدت الطريق أمام المجاهدين وآويتهم في منزلك لكنت مِثلهم عند الله عز وجل في الفضل والشأن، فهناك من يدعم بالمال، وهناك من يخطط للمعركة وهناك من يراقب الطريق وتحركات الأعداء وهناك من يعلّم ويوجه ويشجع ويبيّن الحق فإن النطق بالحق جهاد في سبيل الله، وهذا النوع من الجهاد هو الذي يؤسس المقاتلين ويعبؤهم ويدلهم على طريق الحق وسبيل العزة والكرامة، ومن هنا وردت الأحاديث التي تؤكد على أهمية مداد العلماء الذي جُعل بمستوى دماء الشهداء بل بمستوى أرفع من ذلك لأن الذي صنع المجاهدين هو العالم بالطرق الإلهية وبتعاليم الرسل والأنبياء والأئمة، ونلاحظ بأن المجاهد يلجأ للعالم في جميع تحركاته كيلا يقع في الخطأ لأن العالم هو الذي ينير الطريق أمام المجاهدين ويميز لهم بين الجهاد وغيره، فكل من يعجز عن حمل السلاح يتوجه إليه الأمر بالنوع القادر عليه كلٌّ بحسب قدرته الجسدية والمالية والفكرية والنفسية، فإذا عجز المؤمن عن كل أنواع الجهاد وجب عليه أن يجاهد بقلبه بمعنى أن يكون قلبه مع المجاهدين يدعو لهم بالنصر، ولذا قال علي: جاهدوا في سبيل الله بأيديكم فإن لم تقدروا فجاهدوا بألسنتكم فإن لم تقدروا فجاهدوا بقلوبكم: والإنسان المحظوظ هو القادر على جميع أنواع الجهاد كما كان النبي وآله يفعلون فلقد جاهدوا بأيديهم وألسنتهم وأموالهم وقلوبهم، وقال(ع) الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله: وقال: إن أول ما تُقلَبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثم بألسنتكم ثم بقلوبكم فمن لم يعرف بقلبه معروفاً ولم يُنكر منكراً قُلِبَ فجُعِل أعلاه أسفلَه: وقال(ص) إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه:

 

التحريض على الجهاد

 

عندما يُذكر لفظ التحريض ينساب إلى النفوس نوع من الإشمئزاز لأن التحريض أمر فاقد اللياقة وبعيد عن الإنسانية، هذا صحيح إذا كان التحريض تحريضاً على الشر وفعل القبيح وارتكاب المحرمات، أما إذا كان تحريضاً للخير فهو من الأمور الحسنة التي ينتفع بها فاعلها على مستوى الدنيا والآخرة، فعند ظهور الإسلام أُحيط هذا الدين وأهله بأنواع كثيرة من الأخطار التي كانت تحدق به دائماً والتي كانت تستهدفه منذ بزوغه، فكان لا بد من زرع الجرأة في نفوس المسلمين للدفاع عن دينهم الذي كرمهم الله به وأنقذهم به من العادات والتقاليد التي كانت السبب في رجعيتهم قبل الإسلام، فلو كان المسلمون ضعفاء أو جبناء لقُضيَ عليهم بوقت قصير غير أن حكمة رسول الله وجرأته واستماتته في الدفاع عن هذا الدين كانت سبباً فعّالاً في استقرار العقيدة واستمرار الإسلام، فأمره تعالى بأن يحرّض المؤمنين على المواجهة العسكرية ليدافعوا عن عقيدتهم وكيانهم فقال سبحانه(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) فهنا أمرٌ من الله تعالى وبيان للتدخل الإلهي الغيبي الذي سدد المؤمنين بجنود لم يروها دعمتهم في الحروب فزرعوا الرعب في قلوب الذين كفروا، وقال سبحانه في تحريض المؤمنين على القتال في سبيله(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً) وقد صدع الرسول بالأمر وحرّض المؤمنين على مقاتلة أهل الشرك والضلال حتى انتصر الإسلام والمسلمون في مواضع عديدة، فالمسلمون عندهم الرجال الأقوياء ولكنهم بحاجة إلى من يحركهم ويشجعهم، وهذا ما اتبعه أمير المؤمنين(ع) عندما حرّض المؤمنين على القتال والدفاع عن الدين والأرض والكرامة، ففي بعض خطبه الكريمة شجع المؤمنين وحرّضهم على القتال فقال لهم: أفٍ لكم.. لقد سئمتُ عتابكم أَرَضِيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضاً؟ وبالذل من العز خَلَفاً؟ إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غَمرة ومن الذهول في سَكرة، يُرْتَجُ عليكم حَواري فتَعْمَهون فكأن قلوبكم مألوسة، فأنتم لا تعقِلون، ما أنتم لي بثقةٍ سَجِيسَ الليالي وما أنتم بركنٍ يُمال بكم ولا زوافرِ عزٍ يُفتقر إليكم، ما أنتم إلا كإبلٍ ضلّ رعاتُها فكلما جُمعت من جانب انتشرت من آخر  لَبئس لَعَمْرُ اللهِ سُعرُ نار الحرب أنتم، تُكادُون ولا تَكيدون، وتُنْتَقَص أطرافكم فلا تَمتعِضون، لا يُنام عنكم وأنتم في غفلةٍ ساهون، غُلِب واللهِ المتخاذلون:

وفي موضع آخر وبعد مقتل محمد بن أبي بكر قال: فيكم العلماء والفقهاء والنجباء والحكماء وحمَلة الكتاب والمتهجّدون بالأسحار وعُمّار المساجد بتلاوة القرآن أفلا تسخطون وتهتمّون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم والأشرار الأراذل منكم:

وقال: ضاربوا عن دينكم بالظُبا وصِلُوا السيوف بالخُطا وانتصروا بالله تَظفروا وتُنصَروا:

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى