الترغيب والترهيب
ظهرت في الآونة الأخيرة آراء متضاربة حوا استعمال أسلوب الترهيب في الوعظ والإرشاد، فهناك من قبِل بالأمر وهناك من رفضه رفضاً قاطعاً معتبراً بأن أسلوب الترغيب أفضل من أسلوب التخويف، نحن نقول للمنكرين لا ينبغي أن ننكر ما أثبته الله وأن نترك أسلوباً استعمله الله في كتابه العزيز وهو العالم بما يضر وينفع، فلو لم يكن في أسلوب الترهيب نفع كما هو الحال في أسلوب الترغيب لما استعمله الله عز وجل في عملية الوعظ والإرشاد، وأقول للذين ينكرون أسلوب التخويف إن هناك أشخاصاً لا يتأثرون بأسلوب الترغيب ولا يتعظون به بينما نجد الأسلوب الآخر ذات أثر على سلوكهم، ولأجل ذلك استعمل القرآن كلا الأسلوبين، نعم نحن ننكر أسلوب التخويف عند من يتعظون بأسلوب الترغيب ولكن لا بأس بأن نستعمل معهم أيضاً كلا الأسلوبين من باب بيان فضل الله عليهم وبيان شدة عذابه وانتقامه فإن الإنسان إذا أدرك شدة العذاب شكر الله تعالى على نعمة النجاة منه، ونلاحظ بأن كثيراً من العقلاء همهم الوحيد الإبتعاد عن النار وإن لم يكن هناك جنة ولا نعيم، ولذا ورد أن أحد الأشخاص كان يتلو أمام بعض العلماء قوله تعالى(كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) فعندما وصل القارئ إلى قوله(فمن زحزح عن النار) إستوقفه العالم وقال له هذا يكفيني، يعني يكفي أن أُزَحزَح عن النار فقط فهو الفوز بالنسبة لي، وأنا شخصياً أظن بأن سبب إنكار الناس لأسلوب التخويف هو أن الذين يعظونهم يستعملون طريقة متشددة للغاية وأسلوباً مرعباً بحيث يشمئز السامع من أصواتهم ونظراتهم ومن العنف اللفظي الذي يستعملونه وهذا ما توقف عنده أكثر الناس حيث انتقدوا هذه الطريقة بشدة وهنا أريد أن أوجه نصيحة للجميع للمسلمين ولغير المسلمين أما نصيحتي للمسلمين فهي أن يتخلوا عن كل المنفرات ويستعملوا الطرق الجذابة والأساليب السَلِسة فإن هذا جزء من التبليغ، وإن للطريقة في الدعوى دوراً في التأثير على عقول الآخرين وقلوبهم فإذا تمظهر المسلم بصورة بشعة فسوف ينعكس ذلك سلباً على الدين الذي ينتمي إليه لأن أكثر الناس ينظرون إلى الأديان ويقيّمونها من خلال النظر إلى الأشخاص ودراسة أوضاعهم فيفهمون الإسلام من خلال هذا المسلم الذي قد لا يقدّر العواقب فهو يخطئ ويظن بأن خطأه بسيط أو صغير، نعم هو صغير إذا لم يؤثر خطأه على دينه أما إذا كان ذلك ذا أثر سلبي على الدين فإن الخطأ الصغير حينئذ يصبح كبيراً، ونصيختي لغير المسلمين هي أن يفهموا الإسلام من أسسه الصحيحة ويأخذوا تعاليمه وأحكامه من خلال القرآن والسنّة الصحيحة ومن الأشخاص الذين ترجموا الإسلام حقاً وصدقاً كالنبي وآله والذين ركبوا سفينتهم وسلكوا نهجهم في هذه الحياة، أما أن نأخذ الإسلام من مجموعات إرهابية لا تفهم الإسلام فهذا عين الخطأ فإن الإسلام لا علاقة له بالأفراد، وإذا كان واحد من المسلمين قبيحاً فهذا لا يعني أن الإسلام قبيح فلا تقولوا أنظروا إلى الإسلام كيف يسمح بالإرهاب، نحن نقول بأن الإسلام دين الرحمة والتسامح وهؤلاء الذين يقتلون الناس باسم الإسلام فإن الإسلام بريئ منهم فلا تستعملوا فعلهم ذريعة لكم للتشويه بهذا الدين العظيم الذي جعله الله الدين الرسمي للبشرية.
الشيخ علي فقيه