
الجزاء العادل
أعدل محكمة في الوجود هي المحكمة الإلهية التي لا يُظلم فيها أحد من الناس على الإطلاق ولا يحصل فيها أي خطأ أو تشابه لأن الحَكَم فيها هو عالم الغيب والشهادة الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات والأرض والذي هو كما وصف نفسه في محكم كتابه(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) ففي يوم القيامة يقوم الناس للحساب فيجزي الله الذين أحسنوا بالحسنى والذين ظلموا أنفسهم بما فعلوا في دار الإمتحان فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، فهو يرى عمله ويعلم به ويحاسَب عليه، والجزاء بانتظار الجميع لا يُستثنى منه أحد قال تعالى(إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى) وقال(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) ومن هنا كان العمل الصالح خير شفيع للإنسان، فهو الذي يدخل معك في قبرك ويرافقك في جميع منازل الآخرة ويصل معك إلى آخر المواقف هناك فإن كان صالحاً نفعك وأنقذك وإن كان سيئاً أهلكك فلا ينبغي أن تجعله إلا صالحاً، قال علي:كل امرئ يلقى ما عمِل ويُجزى بما صنع: وقال: لن يلقى جزاء الشر إلا عامله ولن يُجزى جزاءَ الخير إلا فاعله:
ولقد عاملنا الله تعالى بلطفه عند السيئات فإنه جعل السيئة بواحدة فلم يضاعفها لأنه أرحم الراحمين وإنه إن عاقب أحداً من خلقه فإن ذلك بسبب سوء الإنسان وإن عفا عن أحد فبرحمته الواسعة التي هي أعظم من كل جنة ونعيم وأكبر من كل سعادة لأن رحمته هي غاية الغايات:
وقد أشار تعالى إلى هذه الحقيقة في أكثر من آية فقال(مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) وقال(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) وقال(مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
الشيخ علي فقيه



