أُخْلاقُ المُسْلِم

المجالس

المجالس

 

المجالس

 

من خلال ما ذُكر في البحوث المتقدمة وما سوف نذكره لاحقاً بعون الله تعالى يتبيّن لنا بأن الإسلام الحنيف محيط بكل كبيرة وصغيرة فلم يدع أمراً إلا وتحدث عنه مهما كان هذا الأمر في نظر الناس بسيطاً لأن البسيط في أنظارنا عظيم في نظر الإسلام الذي ينظر إلى الأمور من جميع زواياها، وتلك الأمور الصغيرة تكوّن بمجموعها أموراً كبيرة تستحق أن يقف المرء عندها ويتأمل فيها، فالإسلام دين شامل لكل ما له علاقة بصناعة الإنسان فهو يعالج فيه الأمور المادية والأمور المعنوية في نفس الوقت، ولم يُعنَ بالأمور الكبرى فقط بل عَنِيَ بالأمور الصغيرة أيضاً أمثال آداب المجلس، تلك الآداب التي يهملها كثير من الناس الذين لا يراقبون الله تعالى في كل الأمور، وهذه الأمور على زهادتها تحمل من الفوائد للإنسان ما يصل إلى حدود الدهشة، فإذا أهمل المرء آداب المجلس لأنها أمور صغيرة ثم أهمل آداب الطعام ثم أهمل آداب الخلاء ثم آداب التربية ثم آداب الجوار ثم آداب الزواج ثم آداب التربية ثم الآداب الأخرى فعند ذلك تنهدم هيكلية الإنسان بل ينهدم هيكل دينه الذي لم يقم على تلك العبادات المعلومة كالصلاة والصوم والحج فقط وإنما قام على جميع السلوكيات التي يتعلق بها أثر في يوم الحساب، وكل ما له أثر في ذلك اليوم ولو صغيراً فهو في نظر الدين والمُشرِّع كبير.

وهذه الأمور على صغرها تُعتبر امتحاناً للناس لأن منهم من يتخذ المجالس للبروز والتعالي على الآخرين وهم الذين يحبون الجلوس في صدور المجالس ليكون ذلك مميِّزاً لهم عن الآخرين فيأخذهم العجب الذي يقضي على الإيمان فيكون المجلس حينئذ له علاقة مباشرة في تحديد مصير الإنسان في يوم القيامة، وهؤلاء هم الذين لم يعملوا بآداب الإسلام الواردة في المجالس والتي تنهى عن التكبر فيها والعجب والإفتخار لأن الجلوس في الصف المتقدم لا يزيد صاحبه فخراً ولا يرفع له شأناً بل ربما يكون ذلك أحد العوامل الهادمة لشأنه والمدمرة لكيانه وذلك عندما لا يحترمون المجالس وأهلها.

لا يهمهم مراعاة آداب المجلس بل همهم الوحيد هو التعالي على الآخرين وبالخصوص إذا كانوا من أصحاب الأموال والنفوذ والمناصب العليا أو كانوا من الذين يرتدون الزي الديني الذي يُستعمل في الغالب لمصالح دنيوية لا علاقة لها بالدين فإذا لم يُرحَّب بمرتدي الزي الديني كما يجب، وإذا لم يقم الناس وقوفاً له هاتفين بترحيبه يشمئز منهم وينظر إليهم نظرة انتقام وكأن الدنيا قد انتهت عنده عند هذا الحد، فلو اقتدى هذا الشخص بمولاه علي لتعامل مع الواقع بروح رياضية عالية وتعامل معهم بكل تواضع فإن نفس تواضعه يرفع له شأنه بين الناس فليس المهم أن يحترمني الناس لمظهري أو للخوف من شري بل المهم أن ينبع احترامهم لك من حاق نفوسهم أي من خلال تواضعك وتعاملك الحسن معهم.

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى