
المجالس المَنهيُ عنها
ليس للإنسان الحرية المطلقة في اختيار المجالس والدخول إليها فإن هناك مجالس لا يجوز الدخول إليها ولا الإختلاط مع أصحابها لأنها مجالس سوء لا يليق بالمؤمن أن يكون واحداً منهم ولا يؤمَن عليه من الوقوع في الحرام إن هو دخلها وجلس فيها وشارك أهل السوء في سوئهم أو أنه داهنهم وجاراهم حيث لا مهادنة ولا مجاراة في العصيان والخروج عن الحدود الإلهية.
إنها مجالس يبغضها الله تعالى ويكره أهلها ولذا فإنه عز وجل يريد أن ينزه عباده عن النزول إلى ذلك المستوى الوضيع الحامل للآثار السيئة على مستوى الدنيا والآخرة، ففي سورة النساء قال سبحانه(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) فالكفر بآيات الله والإستهزاء بها هو كل ما يسيء للدين فإن الذي يرتكب الحرام كافر بما فعل ومستهزءٌ بما صنع، فإذا كان أهل المجلس يخوضون في الحرام ولا يمكن ردعهم عن غيّهم فليس أمامنا سوى الخروج من ذلك المجلس كيلا تنزل اللعنة علينا فنصبح شركاء معهم.
وفي سورة الأنعام(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فهنا نهي واضح عن مشاركة أهل الضلال في مجالسهم، ولا نعني بذلك أن نمتنع عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه إن كان هناك مجال للنهي عن المنكر وجب علينا فعله، أما إذا لم يكن هناك قابلية لتَقَبُّل النصيحة من قبلهم فحينئذ يكون ترك مجلسهم أولى وأضمن وأحسن.
ومن هنا وردت النواهي الكثيرة في هذا الصدد عن النبي وآله(ص) فقال(ص) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلِس في مجلس يُسبُّ فيه إمام أو يُغتاب فيه مسلم إن الله يقول في كتابه(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ…الخ)
وقال علي: لا تجلسوا على مائدة يُشرب عليها الخمر فإن العبد لا يدري متى يُؤخَذ:
وقال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقومُ مكانَ رِيبة:
وقال الصادق: لا ينبغي للمؤمن أن يجلِس مجلساً يُعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره:
وقال الرضا: إذا سمعت الرجلَ يَجحد الحق ويُكذّب به ويقع في أهله فقم من عنده ولا تقاعدْه:
الشيخ علي فقيه



