
تَضاعُف الحسنات
العدل من الصفات الثبوتية الجلالية لله تبارك وتعالى، فهو العدل الذي لا يجور على عبيده ولا يظلمهم مثقال ذرة، ورغم هذه العدالة فإنه عز وجل يتجاوز كثيراً عن عباده فإن هو رحِمَهم فقد رحمهم بعفوه وكرمه، وإن هو عذبهم فقد عذبهم بعدله، ومن هنا يقول السجاد في دعائه: إلهي حاسبني بعفوك ولا تحاسبني بعدلك، فلو أراد الله أن يعاملنا في يوم الحساب على أساس العدل لما تخلّص من العذاب سوى المعصومين، غير أن رحمته الواسعة اقتضت أن يحاسبنا بلطفه وعفوه، ومن ألطاف الله الكبرى بعباده أنه يضاعف لهم الحسنات فيجعلها عشراً ويُبقي السيئة على حالها فإن تاب العبد منها انمحت وإن لم يتب كُتبت واحدة فقط، وهذه المعادلة منشؤها لطف الله عز وجل الذي يريد أن يرغب عباده بالطاعة فقدّم لهم هذا العرض المغري ولكن كثيراً منهم فضّلوا الفاني على الباقي والقليل على الكثير فكانوا من الخاسرين، وقد كثر الحديث القرآني حول هذه النقطة، ففي سورة الأنعام قال سبحانه(مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) وفي سورة يونس(لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وأما ثواب الإنسان الذي بلغه ثوابٌ على عملٍ معيّن فقد قال الباقر: من بلغه ثوابٌ من الله على عمل فعمِل ذلك العمل التماسَ ذلك الثواب أُوتِيَه وإن لم يكن الحديث كما بلغه…
وقال الصادق: من بلغه عن النبي(ص) شيء من الثواب ففعلَ ذلك طَلَبَ قولِ النبي(ص) كان له ذلك الثواب وإن كان النبي لم يقله: وقال: من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه:
الشيخ علي فقيه



