
مَثَلُ الجنة
ضرب الله عز وجل في كتابه العزيز كثيراً من الأمثال لكي يعتبر بها الناس ويفهموا من خلالها العديد من الحقائق التي يجب أن يفهموها ليقوموا بالواجب الذي تفرضه عليهم تلك المعارف، وقد ضرب الله عز وجل أكثر من مثل لجنته الواسعة من باب ترغيب الناس بتهيئة المقدمات المطلوبة للفوز بها والحصول على نعيمها الدائم فقال سبحانه في سورة الرعد(مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ) وقال تعالى في سورة محمد(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ) وها هم الأئمة المعصومون يحدثوننا عن تلك الجنة التي ابتعد كثير من الناس عن طلبها وفضّلوا العاجلة الزائلة عليها فقال علي: الجنة التي أعدها الله تعالى للمؤمنين خطّافة لأبصار الناظرين فيها درجات متفاضلات ومنازل متعاليات لا يَبيد نعيمها ولا يَمحلُّ حُبورها ولا ينقطع سرورها ولا يَظعَن مُقيمها ولا يَهرَم خالدها ولا يبأس ساكنها آمنٌ سكّانها من الموت فلا يخافون صفا لهم العيش ودامت لهم النعمة في أنهارٍ من ماء غير آسنٍ وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذةٍ للشاربين: وفي موضع آخر وصف(ع) الجنة فقال: لذاتها لا تُملّ ومُجتمِعُها لا يتفرّق وسكانها قد جاوروا الرحمن وقام بين أيديهم الغلمان بصِحافٍ من الذهب فيها الفاكهة والرَّيحان:
وقال(ع) فلو رَمَيتَ ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لَعَزَفَت نفسُك عن بدائع ما أخرج إلى الدنيا من شهواتها ولذاتها وزخارف مناظرها وَلَذَهِلَتْ بالفكر في اصطفاق أشجارٍ غُيّبت في كُثبَانِ المسك على سواحل أنهارها…:
وفي وصف الجنة قال الباقر: أرض الجنة رُخامها فضة وترابها الوَرْس والزعفران وكَنسها المسك ورَضراضُها الدر والياقوت:
وقال(ص) لَموضع سوطٍ في الجنة خير من الدنيا وما فيها:
والإنسان عندما يحيط علماً بهذه الأوصاف فمن الطبيعي أن يندفع نحو العمل الذي يربح به تلك السعادة التي يعجز اللسان عن وصفها والفكر عن إدراك صورها، ومهما كان الوصف كبيراً فليس ذلك على الله بعزيز لأنه القادر على كل شيء.
الشيخ علي فقيه



