أَشْرَارُ النَاسِ

أَشْرَارُ النَاسِ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين
من اللازم على المؤمن خصوصاً أن يتعرف على طرق الحياة خيرها وشرها كيلا يقع في أفخاخ الشيطان الغوي فيركب الخطأ بشعور أو بغير شعور وهو يحسب نفسه بعيداً عن مواضع الخطأ فإذا ارتكب الإنسان هذه الممارسة الضالة والمنحرفة عن قوانين الإله وأنظمة الشريعة كان مصداقاً واضحاً لقوله تعالى(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) وهؤلاء نموذج من نماذج شر الناس وهذا ما يجب التنبه له والحذر منه كيلا تلازمنا هذه الوصمة التي نستحق عليها العذاب في يوم القيامة.
وشر الناس ليسوا منحصرين في فئة من الناس أو بأهل مذهب خاص وطائفة معينة بل هم موجودون في كل فئة ومنتشرون في بقاع الأرض من أقصاها إلى أقصاها وقد أشار القرآن الكريم إلى نموذج من نماذج عدم معرفة الخير والشر وهو يعني أن الذي يجهل هذين المفهومين ومواردهما قد يقع في الشر أو قد يصبح من أهل الشر حيث قال سبحانه في سورة البقرة(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)
فمن الناس من ينظر إلى موضوع القتال نظرة لا تتلاءم مع نظرة الشريعة له فهو يرى بأن القتال شر لأنه قد يصاب بجروح في المعركة أو قد يقتل، ولكن الله تعالى يخبرنا بأن هذا الأمر الذي نحسبه شراً ليس في الحقيقة كذلك وإنما هو الخير بعينه لأن آثاره على الناس في الدنيا والآخرة عظيمة وكريمة وهو أحد أكبر أسباب الحفاظ على الوجود والقيم والمبادئ والكرامات والمعتقدات والإقتصاد وغير ذلك مما يرغب الإنسان في تحقيقه.
ومن هذه النماذج أيضاً ما جاء في سورة آل عمران حيث يحدثنا القرآن عن البخلاء الذين يظنون بأن البخل سبب من أسباب الخير لهم ومن أسباب جمع الثروات وهو في الحقيقة شر كبير فقال تعالى(وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فالأمر يقاس بالنتيجة من وراء العمل أو السلوك فإذا كانت النتيجة خيراً كان العمل من الخير وإن كان ظاهره شراً وإلى ذلك يشير أمير المؤمنين(ع) بقوله: ما خير بخير بعده النار وما شر بشر بعده الجنة وكل نعيم دون الجنة فهو محقور وكل بلاء دون النار عافية.
الشيخ علي فقيه