عدم العفو من الشر

عدم العفو من الشر
من صفات أهل الإيمان العفو عن المسيئ وستر العيوب، فإن شر الناس من يفعل عكس ذلك، وقد ورد عن أمير المؤمنين(ع) قوله: شر الناس من لا يعفو عن الزَّلة ولا يستر العورة: وطالما حدثنا النبي وآله(ص) عن ضرورة العفو مع المقدرة لأنها تنبئ عن نفسية عالية وروحية جميلة في جوف المرء، ولطالما قرّبونا من مزاولة هذه الصفة لكونها تعطي الآخرين عنا صورة جميلة نوصل بها حقيقة الإسلام إليهم.
فقد ورد في أحاديث كثيرة أن من علامات المؤمن أن يعفو عمن ظلمه، وها هو إمامنا زين العابدين(ع) يحثنا على العفو فيقول في دعائه: اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا: ونحن عندما نعفو عن الآخرين فإننا لا نفعل ذلك ببلاش ومقابل لا شيء وإنما نعقد بذلك صفقة رابحة مع الله تبارك وتعالى لأننا إذا عفونا عن المذنبين فسوف يعفو الله عنا لأننا مذنبون، وإذا كان العفو منا محتملاً فإن العفو من الله تعالى أكيد ويقيني الحصول لأنه خير العافين وأعظم الغافرين، وإننا وإن كنا نطلب مقابل عفونا عفو الله عنا فلا يعني ذلك أننا مستبدون بل يعني أننا نرجو عفو الله تعالى وهذا هو عين الإيمان والخشية من الله عز وجل، وهذا ما يحبه الله تبارك وتعالى.
فإذا عفوت أيها الإنسان عمن ظلمك وكنت ظالماً لنفسك فتأمل العفو من الله لأنه أكرم منك بل هو أكرم الأكرمين بشرط أن يكون عفوك عن الناس قربة لله تعالى، أما إذا لم تكن هذه النية موجودة لديك حين العفو فلا يكون عفوك أمراً عبادياً، ولذلك ينبغي عليك أن تراقب ربك في كل ما تقول وتفعل وتعقد نية القربة إليه حتى يكتب لك الثواب المفروض على العمل.
فمن صفات المؤمن العفو عن المسيء، ومن صفات شر الناس عدم العفو، وهناك خصلة أخرى وجدت في أهل الشر وهي حب فضح الناس وكشف عيوبهم، ونلاحظ بأن الإسلام الحنيف قد نهى بشدة عن كشف عيوب الناس معتبراً ذلك من كبائر المحرمات، وقد شجعنا رسول الله(ص) على ستر عورات الناس فقال:لو وجدت مؤمناً على عيب لسترته بثوبي: وفي حديث آخر لسترته بثوبي هذا: ولكننا نجد كثيراً من الرجال والنساء من المسلمين والمسلمات يعقدون مجالس الغيبة والنميمة وفضح الناس حيث أصبحت الغيبة فاكهتهم فلا يهنأ لهم بال حتى يكشفوا عورات خلق الله وهذا أمر فظيع للغاية وعليه عذاب شديد في يوم القيامة فلا تنفع معه صلاة ولا صوم ولا حج ولا صدقة ولا غيرها من العبادات لأنها ليست عبادات في الأصل طالما أن صاحبها يقدم على الحرام، ولكي تكون العبادة عبادة حقيقية يجب على فاعلها أن يقيمها بشرطها وشروطها، ومن أهم شروط قبول العبادة أن يكون العابد بعيداً عن الفحشاء والمنكر.
الشيخ علي فقيه