المَكْرُ وَالمَكْرُ الإِلهِي
(وَلا تَمْكُرْ بي في حيلَتِكَ)
يتابع الإمام السجاد(ع) دعاءه بالقول(وَلا تَمْكُرْ بي في حيلَتِكَ) والذي يتبادر إلى الأذهان من لفظ المكر في الغالب هو المعنى السيء حيث كثر استعماله في هذا المعنى، ولكن كثرة استعماله في السوء لا يلغي استعماله في معاني الخير، فليس كل ماكر سيئاً، حيث كان للمكر أكثر من معنى، ولهذا نلاحظ بأن توبيخ الله تعالى لأهل المكر قد ورد مقيَّداً بلفظ السوء، حيث قال سبحانه(وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) وقد عبّر الله تعالى عن بعض أفعاله بالمكر حيث قال(وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) وفي سورة أخرى(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) وهذ يعني أن لفظ المكرة مرة يُستعمل للدلالة على الشر، وأخرى يُستعمل للدلالة على الخير.
فمكر أهل السوء هو فعل الشر والخداع والكذب وغيرها من صفات السوء، وأما مكر الله تعالى فهو دفع السوء ومعاقبة المسيئين على مكرهم، ولعله معنى قوله(خير الماكرين)
ولعل معنى قوله(ع)(ولا تمكر بي في حيلتك) لا تمتحني بامتحان كبير ولا تعاقبني على تقصيري ولا تأخذني بمعصيتي، وما شاكل ذلك من المعاني المشابهة.
الشيخ علي فقيه

