أدعية وزيارات

التأْدِيْبُ بِالعُقُوْبَة

شَرْحُ دُعَاءِ أَبِيْ حَمْزَةَ الثمَالِي

 

 

التأْدِيْبُ بِالعُقُوْبَة

 

قال الإمام علي بن الحسين(ع) في مطلع دعائه:” اِلهي لا تُؤَدِّبْني بِعُقُوبَتِكَ:”

هذا خطاب صادر من العبد لربه، ومن الداني للعالي، وفيه إقرارٌ واضح بكون الله تعالى هو الإله الواحد الأحد الذي لا شريك له في خلقه ولا منازع له في أمره، وإن نفس هذا الإقرار فيه نوع من التهجد والتعبد لله تبارك وتعالى.

فلو لم يكن هذا العبد مقراً لله تعالى بالألوهية، ولو لم يكن خائفاً راجياً لما توجَّه بهذه العبارة من الأساس، وإن أفضل وأسعد الأوقات لدى العبد هي التي يعيش فيها مع ربه العظيم، يخاطبه، ويشكو إليه بثّه وحزنه وكربه وألمه، ويطلب منه ما لا يطلبه من غيره، والإنسان في تلك الحالة يكون في حالة راقية من الأمن والأمان والشعور بالقوة والعزة والطمأنينة، فمَن أعظم منك أيها العبد عندما تكون جالساً بين يدي مولاك القدير في السر أو العلن أو في الليل أو في النهار أو وأنت وحيد أو بين الناس، وقبل الصلاة أو بعد الصلاة، وتُنشئ تلك الصلة المتينة بينك وبين ربك، وتعيش في ذلك العالَم النوراني الكريم الذي ينقلك مما أنت فيه وعليه إلى حالات لا يمكن أن يشعر بها سوى الصادقين المخلصين.

لا يمكن أن ندرك مدى أُنس العبد عندما يقف بين يدي الله تعالى بذلك الشعور الخاص، فيقول ما يريد دون أي إحراج.

وكلمة(إله) مشتقة من فِعل(أَلِهَ) و(يأْلَه) أي أنه عَبَد ويعبد، وإن لهذه الكلمة(إله) ومصدر اشتقاقها بحثاً كبيراً في علم اللغة، ولكن لا حاجة إلى الدخول به هنا لأننا لسنا بصدد البحث في هذا الفن.

اِلهي لا تُؤَدِّبْني بِعُقُوبَتِكَ إن كل إنسان منا في هذه الحياة يحتاج إلى تأديب وتوجيه وتصويب، فإنه بالغاً ما بلغ هو بحاجة إلى مَن يرشده في ظلمات هذه الحياة التي إذا أدار لها المرء ظهره قضت عليه.

إن كل إنسان منا بحاجة إلى من يدله على طرق الفلاح وسبل النجاح كيلا يخطئ مع نفسه أو ربه أو مع الآخرين.

إن نتيجة الخطأ وخيمة على المخطئ سواء كانت مع نفسه أو ربه أو مع الناس، ولهذا يجب على الإنسان أن يكون حذراً في تعاطيه مع غيره، وأن ينظر في عواقب الأمور قبل القيام بها كيلا يندم على خطأ ربما لا يكون له غفران، كما لو أخطأ مع أحد الناس ولم يسامحه فإن تبعات هذا الخطأ سوف تلازمه إلى يوم الحساب، وربما يكون هذا الخطأ بداية خلوده في العذاب.

وما أحوجنا في هذه الأيام خصوصاً إلى موعظة نغير بها أحوالنا المتردية دينياً وأخلاقياً وإجتماعياً، والغرض من الوقوف على هذا النص بالذات هو إرجاع المنحرف إلى صوابه كيلا تكون الخسارة عليه كبيرة.

ولا ينبغي أن نضع مسألة الخطأ مع الناس وراء ظهورنا لأنها مسألة كبرى في نظر الشريعة السمحاء التي أمرت باحترام الإنسان وحرّمت أذيته ولو بمقدار ذرة.

وإن جهات الخطأ وإن كانت كثيرة ومنتشرة غير أن رحمة الله تعالى أوسع منها، فطالما أن هناك باباً يمكن الدخول منه إلى رضوان الله تعالى فإن الأمر هيّن نوعاً ما، ولكن بشرط أن يصلح الإنسان أمره ويسلك الطريق الصحيح المؤدي إلى التوبة التي وضع الله لها شروطاً، فإذا أتى الإنسان بتلك الشروط تخلص من كل تبعات الأخطاء.

وبما أن الإمتحان قائم، وبما أنّ الإنسان فيه قابليةٌ لركوب الخطأ فقد كان بحاجة إلى مَن يؤدبه، وقد ركزت شريعة الإسلام على مسألة التأديب، وقد ورد عن رسول الله محمد(ص) أنه قال: لقد أدبني ربي فأحسن تأديبي:

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى