قصص وحكايات

قِصَةُ النبي(ص) فِيْ غَارِ حِرَاء

قَصَصُ أَهْلِ البَيْت(ع)

 

قِصَةُ النبي(ص) فِيْ غَارِ حِرَاء

 

النبوّة شيء، والبعثة شيءٌ آخر، فقد وُلد رسول الله محمد(ص) نبياً، وكان معصوماً منذ الولادة، وهذا ما اتفق عليه العلماء والمحدثون، وقد شابهت نشأته نشأة جده إبراهيم(ع) الذي نشأ في مجتمع وثني رفضه منذ أن كان طفلاً، وهذا ما دار في خَلَد نبيّنا الأعظم محمد(ص) بل هذا ما أشار إليه واضحاً مع التاجر الذي طلب منه أن يحلف باللات والعزّى فأجابه النبي بقوله: ما حلفت بهما قط، وإني لأمرُّ فأعرض عنهما:

وكانت الوثنية منتشرة في المجتمع العربي قبل البعثة الشريفة بشكل قوي جداً حيث شكّلت عبادة الأصنام حينها الديانة الرسمية للمجتمع العربي، غير أنَّ فكرة الوثنية لم تكن مسيطرة تماماً على بعضٍ من أصحاب العقول الذين كانوا يرفضون الفكرة من أساسها، ومن أبرز أولئك العقلاء أربعة: ورقة بن نوفل، وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث، وزيد بن عمرو بن نفيل.

وفي تلك الآونة كان للنبي(ص) مكانة عالية بين أفراد قومه وكان عمره آنذاك 35 عاماً، وفي تلك المرحلة هدمت الكعبة الشريفة بسيل عظيم ثم أعيد بناؤها إلا أنهم اختلفوا في وضع الحجر الأسود مكانه فتأخرت بذلك عملية البناء خمسة أيام، فقام شيخ منهم وقال: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه: فكان أول داخل عليهم رسول الله(ص) فقالوا: هذا محمد الأمين، رضينا: فقال(ص): هلمَّ إليَّ ثوباً فأخذ الحجر ووضعه فيه و قال: لتأخذ كلّ قبيلة بناحية من الثوب ثمّ ارفعوه جميعاً. ثمّ وضعه (ص) بيده في مكانه.

وتدل الشواهد التاريخية والبراهين العقلية أن النبي(ص) كان مؤمناً بالله تعالى قبل البعثة، وقد أجمع المؤرخون على أنه كان يخلو في غار حراء أشهراً كل عام يعبد الله فيه، وقد أشار الإمام علي(ع) إلى هذه النقطة بقوله: ولقد كان يجاور في كل ّسنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري: ويذكر العلامة المجلسي في البحار أن النبي(ص) كان يطوف ويعبد الله في حراء ويرعى الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الأكل وغيره فكيف يمكن لله تعالى أن يهمل أفضل أنبيائه أربعين سنة؟

لقد كان عابداً لله قائماً ساجداً وعالماً بمجمل القرآن وراجياً أن ينزله الله عليه، وقد بقي كذلك إلى أن بعثه الله تعالى رحمة للعالمين.

وكان يتردد في كل عام إلى غار حراء الشهير يمكث فيه لأيام وأسابيع يتفكر ويتأمل في الخلق والخالق، ويقع جبل حراء في شمال مكة، وهو مكوَّنٌ من قطع صخرية، أما الغار فيقع في شمال الجبل، وهو يحكي ذكريات أعظم رجل في العالَم.

كان النبي(ص) قبل الوحي يفكر في أمرين:

الأول: ملكوت السموات والأرض حيث كان يرى فيهما نور الخالق سبحانه.

الثاني: المسؤولية الكبرى التي سوف تقع على عاتقه، فكان يفكر في فساد المجتمع وكيفية إصلاحه.

وبينما هو في الغار يتفكر ويتأمل وإذا بجبرائيل الأمين ينزل عليه بالوحي الإلهي ويتلو عليه بضع آيات كبداية لنزول كتاب الهداية والسعادة، قال يا محمد: إقرأ، قال وما أقرأ؟ قال يا محمد(اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الّذي خَلَق* خَلَقَ الاِِنْسانَ مِنْ عَلَق*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاََكْرَم* الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَم* عَلَّمَ الاِِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَم) ثم أوحى إليه ما أمره به ربه وصعد جبرائيل إلى السماء ونزل الرسول من الجبل ليبدأ بتنفيذ الأمر الإلهي الثقيل.

لقد ترك الغار وتوجه إلى بيت السيدة خديجة التي لاحظت الإضطراب في وجهه فحدّثها بما رأى وسمع فقالت له: أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً: ثم دثرته ونام، ثم ذهبت إلى بيت ورقة بن نوفل وأخبرته بما كان من شأن زوجها محمد فأجابها: إن ابن عمك لصادق وإن هذا لبدء النبوة وإنه ليأتيه الناموس الأكبر(أي الرسالة والنبوة)

وقد اختلف المسلمون في تاريخ بعثة الرسول(ص) كما اختلفوا في تاريخ ميلاده وغيره، فاتفق علماء الشيعة على أن البعثة حصلت في السابع والعشرين من شهر رجب وأن نزول الوحي بدأ منذ ذلك اليوم، بينما علماء السنة فقد ذهبوا إلى أن البعثة حدثت في شهر رمضان.

وبدأ انتشار الإسلام بالتدريج، وكان هناك سابقون ولاحقون، وقد اعتُبر السبق آنذاك فضيلة، ومن أوائل المؤمنين بالرسالة خديجة(ع) التي كانت أول من أخبرها النبي بما رأى وسمع في الغار، فكانت خديجة أول المؤمنين من النساء، ولم يختلف في ذلك أحد لأن النبي(ص) قد أكد عليه بنفسه.

وكان أول المؤمنين بالرسول من الرجال علي بن أبي طالب(ع) الذي كان يعيش في كنف الرسول وفتح عينيه على صفات الكمال التي كان يتمتع بها(ص) فلقد كان في حجره قبل الثامنة من عمره، وقد حصلت تلك الكفالة لعي بناءاً على طلب أبي طالب وذلك عندما أجدبت مكة وضواحيها وأصاب الناس أزمة شديدة وكان أبو طالب كثير العيال فطلب من عمه العباس أن يخفف عنه فكفل العباس جعفراً وكفل الرسول علياً، وفي ذلك قال(ص) : إخترت من اختار اللّه لي عليكم، علياً: وقد أكد الإمام علي(ع) سبقه للإسلام حيث قال: اللّهمّ إنّي أوّل من أناب وسمع وأجاب، ولم يسبقني إلاّ رسول اللّه بالصلاة: وكذا قال(ع) : أنا الصديق الاَكبر، لقد صليت مع رسول اللّه قبل الناس سبع سنين، وأنا أوّل من صلّى معه:

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى