
قِصةُ خَلْقِ المَلائِكَة
(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)
بعد أن خلق الله السمواتِ والأرضَ خلق الملائكة من نور، وجعل لهم أنظمة خاصة، وملأ بهم سمواته وأرضَه، وعصمَهم عن العصيان تكويناً، فلا يعصون اللهَ ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وكان لكلٍ منهم وظيفتُه الخاصة، وقد فضّل بعضهم على بعض، ولا يعلم أعدادهم إلا هو، وكذا أشكالهم وأحجامهم وألوانهم ووظائفهم، وقد حجبهم عن خلقه، فلا يمكن لبشرٍ أن يراهم إلا عن طريق الإعجاز كما رأى خاتم الأنبياء أمينَ الوحي جبرائيل على هيئته الحقيقية، وفي ذلك قال سبحانه(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى)
أما غيره من الأنبياء فقد أتتهم الملائكة على هيئة بشر، والله يعلم الحكمة من وراء ذلك.
لقد تحدَّث القرآن عنهم بشكل عام دون أن يدخل في تفاصيلَ أرجأ بيانها إلى خاتم أنبيائه وأهل بيته المعصومين، وخيرُ مَن وصف الملائكة هو أولُ الناس إسلاماً الإمامُ عليٌ(ع) حيث قال:
ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَواتِ العُلاَ، فَمَلاَهُنَّ أَطْواراً مِنْ مَلائِكَتِهِ: مِنْهُمْ سُجُودٌ لاَيَرْكَعُونَ، وَرُكُوعٌ لاَ يَنْتَصِبُونَ، وَصَافُّونَ لاَ يَتَزَايَلُونَ، وَمُسَبِّحُونَ لاَ يَسْأَمُونَ، لاَ يَغْشَاهُمْ نَوْمُ العُيُونِ، وَلاَ سَهْوُ العُقُولِ، وَلاَ فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ، ولاَ غَفْلَةُ النِّسْيَانِ. وَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ، وأَلسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ، وَمُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَأَمْرهِ. وَمِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ، وَالسَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ. وَمِنْهُمُ الثَّابِتَةُ في الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ، وَالمَارِقَةُ مِنَ السَّماءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ، والخَارجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ، وَالْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ:
الشيخ علي فقيه