
قِصةُ خَلْقِ السمَوَاتِ وَالأَرْض
عندما أتى أمْرُ الله بإيجاد سبع سمواتٍ ومِنَ الأرض مِتْلِهِن حَدَث بقدرته الباهرة انفجارٌ هائل كُوِّنَ به هذا الكون الواسع الذي اشتمل على مليارات المجرات التي ضمَّت ما نعلَم قليلَه وما نجهلُ كثيرَه.
وما زال هذا الكون يتسع باستمرار(وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)
لقد بدأ الأمرُ بدخان كثيف وانتهى بهذا الوجود العظيم الذي إنْ دلّ على شيءٍ فإنما يدلُّ على قدرة ربّ العالمين الذي خلَق كلَّ شيء بقَدَر(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)
لقد خلق الله السموات والأرض في ستة أيام لحكمة منه نحن نجهلها، وتدلّ الآيات الكريمة أنّ عملية الخلق حصلت في يومين، وتقدير الأقوات في أربعة أيام(وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ)
إنه نظامٌ دقيق للغاية وإبداعٌ لا مثيل له(لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)
وأفضلُ مَن وصف عملية الخلْق بعد الخالق هو الإمام علي بنُ أبي طالب(ع) حيث قال:
ثُمَّ أَنْشَأَ ـ سُبْحَانَهُ ـ فَتْقَ الْأَجْوَاءِ، وَشَقَّ الْأَرْجَاءِ، وَسَكَائِكَ الَهوَاءِ، فأَجْرَي فِيهَا مَاءً مُتَلاطِماً تَيَّارُهُ، مُتَراكِماً زَخَّارُهُ، حَمَلَهُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ، وَالزَّعْزَعِ الْقَاصِفَةِ، فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ، وَسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّهِ، وَقَرنَهَا إِلَى حَدِّهِ، الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِها فَتِيقٌ، وَالمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ. ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا، وَأَدَامَ مُرَبَّهَا، وَأَعْصَفَ مَجْرَاها، وَأَبْعَدَ مَنْشَاهَا، فَأَمَرَها بِتَصْفِيقِ المَاءِ الزَّخَّارِ، وَإِثَارَةِ مَوْجِ البِحَارِ، فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ، وَعَصَفَتْ بهِ عَصْفَهَا بِالفَضَاءِ، تَرُدُّ أَوَّلَهُ عَلَى آخِرِهِ، وَسَاجِيَهُ عَلَى مَائِرِهِ، حَتَّى عَبَّ عُبَابُهُ، وَرَمَى بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ، فَرَفَعَهُ فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ، وَجَوٍّ مُنْفَهِقٍ، فَسَوَّى مِنْهُ سَبْعَ سَموَاتٍ، جَعَلَ سُفْلاَهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً، وَعُلْيَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً، وَسَمْكاً مَرْفُوعاً، بِغَيْر عَمَدٍ يَدْعَمُهَا، وَلا دِسَارٍ يَنْظِمُها. ثُمَّ زَيَّنَهَا بِزينَةِ الكَوَاكِبِ، وَضِياءِ الثَّوَاقِبِ، وَأَجْرَى فِيها سِرَاجاً مُسْتَطِيراً، وَقَمَراً مُنِيراً: في فَلَكٍ دَائِرٍ، وَسَقْفٍ سَائِرٍ، وَرَقِيمٍ مَائِرٍ.
الشيخ علي فقيه