قِصَّةُ أَصْحَابِ الأُخْدُود

قِصَّةُ أَصْحَابِ الأُخْدُود
(قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ)
أقسم الله سبحانه بالسماء ذات البروج، وبيوم القيامة وبالشاهد والمشهود أنه سوف ينتقم من الذين أحرقوا المؤمنين في حادثة الأخدود الشهيرة لأن قوله(قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ) يعني الظالمين وليس المظلومين، بمعنى أنه تعالى يريد أن يقول(وهو أعلم بمراده) أقسم إنني سوف أقتل الذين أحرقوا المؤمنين في الأخدود.
وأما قَسَمُه بالشاهد والمشهود فقد ذكر المفسرون لهما أكثر من ثلاثين معنى أبرزها النبي(ص) ويوم القيامة ويوم الجمعة وعيد الأضحى ويوم عرفة.
والأخدود هو الشق المستطيل الذي يُحفر في الأرض، وهذا ما فعله الملك الظالم حيث أحرق تلك المجموعة المؤمنة في أخدودٍ أمر بحفره لا لذنبٍ ارتكبوه إلا لأنهم آمنوا بالله الواحد الأحد وبروحه عيسى بن مريم(ع)( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)
وقد أورد بعض المؤرخين قصصاً غريبة وروايات عجيبة لا تمتُّ إلى الحقيقة بأية صلةٍ ونسبوها إلى حادثة الأخدود بحيث جعلوا من ولدٍ صغيرٍ عملاقاً وكأنه نبيٌ مرسَل وصاحب معجزات، وكله خطأ بخطأ وكذبٌ بكذب، ويندرج هذا الأسلوب ضمن إطار الحرب الإعلامية الممنهجة ضد الإسلام والمسلمين.
وهي من أخطر الحروب وأكثرها ضرراً علينا لأنها تقاتلنا من داخلنا وباسمنا، وهنا يكمن الخطر الحقيقي الذي يجب التنبُّه له.
ولأنهم يعملون على تدميرنا بانتظام فقد استطاعوا أن يُدخلوا إسرائيلياتهم إلى عقول الكثيرين من البسطاء الذين يقبلون القصة على عواهنها.
وهذا ما يُعرض في الأفلام والمسلسلات التي هي من إنتاجهم، وحبّذا لو كان فينا مَن يردُّ عليهم كذبهم عبر أفلام ومسلسلات مثلها تُبرز الواقع كما هو، ولكن مع الأسف، فهم يسهرون على الطعن في الدين، ونحن غافلون أو متغافلون عما يتعرّض له ديننا الحنيف، مع أننا نملك أكثر منهم من الأموال والإمكانيات.
لا ينقصنا سوى الهمّة والبذل في سبيل الحق والخشية من الله تعالى والغيرة على هذا الدين العظيم الذي أصبح ألعوبة في أيدي حيتان المال والسلطة الذين لا يقل ظلمهم عن ظلم مَن قتل أصحاب الأخدود وظلم غيره من الفجّار.
الفرق الوحيد أن ذا نواس قتلهم بالحرق في الأخدود، وهؤلاء يقتلون الأطفال الأبرياء والنساء والشيوخ حرقاً بالصواريخ.
ومُفتعلُ هذه المجزرة هو آخر ملوك بني حِمْيَر(ذو نواس) الذي تهوّد وأطلق على نفسه اسم(يوسف)
وفي يوم من الأيام أُخبر بأنه في نجران شمال اليمن يوجد بقايا مجموعات ما زالت على دين النصرانية، فشجّعه مَن حوله على المسير إليهم وإجبارهم على الدخول في اليهودية فسار بجيشه إلى نجران وعندما وصلها جمع أهل النصرانية وطلب منهم الدخول في دينه فأبوا ذلك بشدة، فخيّرهم بين الموت وترك النصرانية ففضّلوا الموت على أن يتهوّدوا فأمر جنوده بحفر أخدود عظيم وإضرام النار فيه، ثم راح جنوده يلقونهم وسط النيران ويقتلون البعض منهم بالسيف ويمثّلون بجثّته حتى بلغ عدد القتلى عشرين ألفاً.
واستطاع واحد منهم الهروب من بين أيدي جنود ذي نواس وذهب إلى قيصر ملك الروم وأخبره بما حدث، فكتب القيصر إلى واليه على اليمن أن ينتقم لدماء المسيحيين فدارت بين الطرفين معركة طاحنة هُزم فيها ذو نواس وجنوده.



