أُخْلاقُ المُسْلِم

أَخْلاقُ المُسْلِم

صفات المؤمن في كلام النبي وآله(ص)

 

 

صفات المؤمن في كلام النبي وآله(ص)

 

المؤمن له علامات كثيرة يُعرَف بها ويمتاز بها عن غيره من الناس في هذه الحياة إذ أنها لا تنحصر بالواجبات المعلومة كالصلاة والصوم والحج فإن كثيراً من المسلمين يقومون بهذه العبادات والله وحده يعلم الهدف من القيام بها لأن منهم من يقوم بتلك الواجبات من أجل ثواب الله والخوف من عقابه ومنهم من اعتاد عليها فلا يقصد بها وجه الله وإنما يقصد بها أمراً آخر، وعلامات المؤمن أكثر من كونه يصلي ويصوم إذ يجب عليه أن يُكمل تلك العبادات بأمور لا تكون تلك العبادات مثمرة إلا بها، وقد ذكر النبي وآله الكثير من تلك العلامات التي يجب أن تتوفر في كل مؤمن.

منها: أن بِشر المؤمن يظهر في صفحات وجهه فتظنه سعيداً وقد لا يكون كذلك بل إن إيمانه يهوّن عليه المصائب التي يلقاها لأنه يفوض أمره إلى الله تعالى.

ومنها: أن المؤمن يحاول أن يخفي حزنه عن الناس فلا يشكو بثّه وحزنه إلا إلى الله الذي بيده التفريج عنه ولأن المؤمن يعرف بأن اللجوء إلى غير الله عز وجل لا جدوى منه.

ومنها: أن المؤمن يمتاز عن غيره براحبة الصدر والقدرة على التحمّل.

ومنها: أنه يرى نفسه ذليلاً أمام عزة الله ورسوله وأهل الإيمان ولا يقبل بأن يضعك في جو الهم والغم بل يحاول أن يلقي الراحة في نفوس الآخرين دائماً.

ومنها: أن صمته طويل فهو لا يريد أن يطول وقوفه للحساب في يوم القيامة وهو يعلم بأن الذي يكثر كلامه في الدنيا يطول وقوفه بين يدي الله للحساب وهو يعلم بأن الإنسان الصامت يُكتب محسناً ما دام صامتاً إلا إذا تكلّم بما ينفع الناس، وأكثر وقته مملوء بذكر الله وخدمة عباده.

ومنها: أن المؤمن صبور على البلاء شَكور عند النعم حامد على كل حال وهو في الوقت ذاته هيّنٌ ليّن يأنس الآخرون بمعاشرته والتحدث إليه والإختلاط معه لا ينفر منه الناس لأنه يحترم الجميع ويتعامل معهم بالرفق والإحسان، وقد ذُكرت هذه الصفات في كلام لأمير المؤمنين(ع) جاء فيه: المؤمن بِشره في وجهه وحزنه في قلبه، أوسعُ شيءٍ صدراً وأذل شيء نفساً يكره الرِّفعة ويَشنأُ السُّمعة طويلٌ غمه بعيدٌ همه كثير صمته مشغول وقته شكور صبور مغمور بفِكرته ضنينٌ بخَلّته سهل الخليقة ليّن العريكة نفسه أصلب من الصَّلد وهو أذل من العبد:

وقال(ع) المؤمن وقور عند الهَزاهز ثَبوتٌ عند المكاره صبور عند البلاء شكور عند الرخاء قانعٌ بما رزقه الله لا يظلم الأعداء ولا يتحامل للأصدقاء الناس منه في راحة ونفسه في تعب:

ومن علامات المؤمن وصفاته أن رضاه لا يُدخله في حرام، وسخطه لا يمنعه من قول الحق والعمل به، ولا تدعوه قدرته على الظلم والإعتداء على الآخرين وإنما يصرف تلك القدرة فيما ينفعه عند الله تعالى، فقد ذكر الإمام محمد الباقر(ع) تلك الصفات عندما قال: إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل وإذا سخِط لم يُخرجه سخطه من قول الحق، والمؤمن الذي إذا قَدَرَ لم تُخرجه قدرته إلى التعدي وإلى ما ليس له بحق:

ومن صفات المؤمن أنه يعين الآخرين بحسب طاقته ولا يتردد في إعانتهم وهو في نفس الوقت خفيف على الآخرين لا يطلب منهم الكثير ولا يوقعهم في إحراج كما يصنع كثير من الذين يدّعون بأنهم مؤمنون، فالمؤمن حسن التدبير يعرف من أين تؤكل الكتف فيسعى إلى كسب عيشه بشرف فلا يأكل إلا من عرق جبينه وكدِّ يمينه، ومن صفات المؤمن أيضاً أنه لا يُلسَع مرتين في جُحر واحد لقول الإمام الصادق(ع) المؤمن حسن المعونة خفيف المؤونة جيّد التدبير لمعيشته لا يُلسع من جحر مرتين:

ومن صفات المؤمن أنه شديد التحمّل راضٍ بحكم الله مهما قست الظروف وكثرت المصائب فإنه يواجهها بحمد الله لأنه المخرج الأفضل لاجتياز تلك المحن، هذا ما أشار له رسول الله(ص) بقوله: المؤمن بخيرٍ على كل حال تُنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله:

ومن صفات المؤمن أنه يجتهد في نصيحة إخوانه لأنه يخاف عليهم سوء الحياة وعقاب ما بعد الممات، ويَلين لهم الجناح حتى يظن بعضهم بأنه أحمق لعظيم لِينه، فقد قال(ص) المؤمن أخو المؤمن لا يدع نصيحته على كل حال: وقال: المؤمن هين لين حتى تخاله من اللين أحمق:

ومن الصفات الكبرى والأخلاق العليا للإنسان المؤمن أنه ينزجر عندما يسمع الموعظة فهو يعمل بها ولا يُهملها لأن قلبه دائماً بحاجة إلى ما يشده نحو ربه، وكما أنه يأخذ بالموعظة فهو يحذر إذا حُذّر، وإذا ذكّره أحد بربه ذكر ربه مباشرة لأن بذكر الله تطمئن القلوب وتزداد تعلقاً بالله وخشوعاً له، وكذلك فإن المؤمن يغفر لم ظلمه ويعفو عمن أساء إليه فلا يحمل بالحقد كما يعمل غيره بل لا يسمح لنفسه الأمارة بالسوء بأن تمنعه عن العفو لأن العفو صفة يحبها الله تعالى ويعفو عن المتصفين بها والعاملين بها، فلقد قال أمير المؤمنين: المؤمن إذا وُعظ ازدجر وإذا حُذّر حَذِر وإذا عُبّر اعتبر وإذا ظُلم غفر:

ومن صفات المؤمن أن دأبه في هذه الحياة زهده بها وفيها فلا تغره زينتها ولا يضعف أمام شهواتها كما كان يفعل معها النبي وآله(ص) فهم المؤمن في الدنيا هو دينه لأن الدين عزه وشرفه فيها وهو باب خلاصه من أهوال ما بعد الحياة والمؤمن يراقب ما يمكن أن يخفف عنه بعد الموت ويقوم به ليربح نفسه في تلك الدار، وأكثر الأمور التي يعتز بها المؤمن في حياته قناعته بما قسم الله له لأنه يعرف بأن القناعة مال لا ينفد وعز لا يفنى، ومن علامات المؤمن وشيمه أنه يعمل كل ما يزيد له رصيده في يوم الحساب لأن همه الأكبر هو الآخرة وليس الدنيا لأن الآخرة هي الحياة الحقيقية الدائمة فإما عذاب أبدي وإما سعادة سرمدية، وقد ذُكرت هذه الصفات بكلام لعلي(ع) حيث قال: المؤمن دأبه زَهادتُه وهمه ديانته وعزه قناعته وجِدُّه لآخرته قد كثرت حسناته وعلت درجاته وشارف خلاصَه ونجاتَه:

وقال الإمام زين العابدين: المؤمن يصمت ليسلم وينطِق ليغنم: معنى ذلك أن المؤمن يلازم الصمت فيما لا فائدة منه لأنه إذا تكلم بما لا فائدة منه فإنه لا يُؤمَن عليه من الوقوع في الخطأ فهو يراقب الكلام فإن كان نافعاً نطق به ليغنم عند الله به الأجر والثواب.

ومن صفات المؤمن أن له قوة مميزة في دينه فلا يبيع ذرة منه ولا يداهن به ولا يستعمله مطية لأمور دنيوية فتراه حازماً ولكن حزمه متوج باللين والرفق وهذه القدرة لا توجد إلا في الإنسان المؤمن لأن الإيمان يساعده على هذا التعدد في السلوك بآن واحد، والمؤمن نشيط في العبادة لا يفتر عنها ولا يمَلّ منها ولا يشبع من الصلاة والدعاء والذكر والخشوع إذ كيف يشبع مما يضمن له سعادة أبدية، قال الصادق: المؤمن له قوة في دين وحزم في لين وإيمان في يقين وحرص في فقه ونشاط في هدى: وقال: المؤمن حليم لا يجهل، وإن جُهِل عليه يَحلُم، ولا يظلم وإن ظُلم غفر، ولا يبخل وإن بُخل عليه صبر: وقال: المؤمن من طاب مكسبه وحسُنت خليقته وصحّت سريرته وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من كلامه: وقال: المؤمن عزيز في دينه: وقال(ص) المؤمن يَغار واللهُ أشد غَيرةً: وقال علي: المؤمن دائم الذكر كثير الفِكر على النَّعماء شاكر وفي البلاء صابر: وقال: المؤمن من طهّر قلبَه من الدنيّة: وقال: المؤمن عفيف في الغنى متنزِّه عن الدنيا: وقال: المؤمن إذا سُئل أسعف وإذا سأل خفّف: وقال(ص) المؤمن منفعة، إن ماشيتَه نفعك وإن شاورته نفعك وإن شاركته نفعك وكل شيء من أمره منفعة: وقال: المؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم: وقال: المؤمن نفسه منه في عناء والناس في راحة: المؤمن كالغريب في الدنيا لا يأنس في عزها ولا يجزع من ذُلها: وقال المؤمن مرآة المؤمن: وقال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضُه بعضاً:

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى