
رَبْطُ الإِحْسَانِ لِلوَالِدَيْنِ بِالتوْحِيد
قد ننظر إلى حكم الإحسان للوالدين ونعلم من خلال تكرار هذا الأمر تأكيد الله تعالى على مزاولة هذا السلوك الذي تتوقف عليه النجاة في يوم الحساب، ولكننا لو ألقينا نظرة أخرى على الآيات التي تتحدث عن وجوب الإحسان للوالدين لظهر لنا أمر لم يحصل عن طريق الصدفة، بل حصل ليبين لنا أن العاق في يوم الحساب حكمه حكم المشرك حيث لا ينتفع الإنسان بعمله إلا برضا والديه عنه، وهذا ما حصل له أكثر من نموذج عبر التاريخ، وبالأخص في زمن الرسول الأكرم(ص) حيث كان أحد المؤمنين في زمانه عاقاً لأمه، وكان فاعلاً لجميع الواجبات وربما كان تاركاً لكل المحرمات ما عدا العقوق، وقد دخل في سكرات الموت فلم يستطع النطق بالشهادتين وصعبت عليه عملية النزع فأرسل النبي(ص) خلف أمه وسألها هل هي غاضبة عليه فأجابت بنعم، فأخبرها النبي(ص) بأن ولدها في حالة حرجة فإذا لم ترضَ عنه فسوف يكون مصيره إلى النار، فرضيت عنه فنطق بالشهادتين وفارق الدنيا وهو مؤمن.
وإن مسألة ربط الإحسان للوالدين بكلام يتحدث عن الشرك ليس من باب الصدفة، وإنما من باب بيان نتيجة العقوق التي هي نتيجة الكفر عند الله تعالى.
ففي سورة البقرة(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ففي قوله لا تعبدون إلا الله يتحدث عن ضرورة التوحيد.
وفي سورة النساء اقترن الإحسان للوالدين بأمر ونهي من الله تعالى، أمر بالتوحيد، ونهي عن الشرك وهو واضح في قوله عز وجل(وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)
وفي سورة الأنعام كان الأمر مشابهاً لباقي الآيات التي ذكرناها حيث ظهر هذا الإقتران جلياً فقال تعالى(قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)
وكذا الأمر في سورة الإسراء التي بيّن الله فيها قضاءه بالتوحيد والإحسان للوالدين حيث قال تعالى(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)
الشيخ علي فقيه



