
الصوْمُ تَرْكُ الحَرَام
قال علي(ع): الصيام اجتناب المَحارم كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب:
وهنا يضع الإمام إصبعه على النقطة الحساسة فهو يبين لنا أن الصوم الحقيقي هو الصوم الذي يمنع صاحبه عن فعل الحرام كما كانت الصلاة الحقيقية هي التي تردع صاحبها عن الفحشاء والمنكر، فإذا لم يدعك صومك إلى ترك الحرام فلا يكون صوماً بل مجرد جوع وعطش طبيعيين.
يقول لنا الإمام كما تمتنعون عن الطعام والشراب أيام الصوم فكذلك يجب أن تمتنعوا عن الحرام في أيام الصيام وغيرها من أيام العمر.
وإلى هذا المعنى يشير الإمام الصادق(ع) حيث يقول: إذا أصبحت صائماً فليصم سمعك وبصرك من الحرام وجارحتك وجميع أعضائك من القبيح.
معنى أنه أيها الصائم إذا أردت أن يكون صومك صحيحاً فافعل ذلك فإنه ضمانة لصحة الصيام.
أيها الأخوة.. إن الصوم من الطعام والشراب سهل للغاية لأن المشقة فيه عادية جداً وكثير من الناس كباراً وصغاراً يقدرون على ذلك، أما صوم النفس والجوارح فهو الصوم الأكبر والأصعب والأشق وهذا ما يحتاج إلى إرادة وصبر حتى يتحقق على الوجه المطلوب، الأمر بحاجة إلى توفيق ومد من الله عز وجل، ولذا نجد الإمام زين العابدين(ع) يطلب العون من الله في عملية صوم الجوارح الذي عبرنا عنه بالصوم الأكبر والصوم الدائم فيقول(ع): وأعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك واستعمالها فيه بما يرضيك حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور ولا نخطو بأقدامنا إلى محجوز:
وهكذا يجب على كل مؤمن منا أن يطلب العون من ربه حتى لا يقع في المحظورات المبطلة للصوم الأصغر والذاهبة بأجره وثوابه، وكلام الإمام(ع) يؤكد لنا أن الصوم لا يتحقق إلا بترك الحرام، وهذا ما أشار إليه النبي(ص) في خطبة استقبال شهر رمضان عندما سأله علي(ع) عن أفضل الأعمال في هذا الشهر فقال(ص) الورع عن محارم الله.
فمنذ أن بلغ النبي أمر الله بالصوم أشار إلى هذه الحقائق كيلا يقع الصائم فيما يحول بينه وبين ربه.
إن الإنسان إذا راعى هذه المسائل وحافظ على صيامه فقد رجع على نفسه بفوائد عظيمة، نشير إلى بعضها من خلال ما جاء في حديث المعراج حيث سأل النبي ربه: وما ميراث الصوم؟ قال تعالى: الصوم يورث الحكمة والحكمة تورث المعرفة والمعرفة تورث اليقين فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح بعسر أم بيسر.
الشيخ علي فقيه



