منوعات

كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعْ الدُنْيَا

كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعْ الدُنْيَا

 

 

كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعْ الدُنْيَا

 

العاقل هو الذي يضع الأمور في مواضعها وينطلق من القاعدة القائلة :لكل مقام مقال: ويكون على حذر من الأمور التي يجب الحذر منها، وأن لا يطمئن لأي مصدر من مصادر الخداع والمكر، فإذا أدار ظهره للخطر فقد أوقع نفسه فيما لا تُحمد عاقبته وساءت تبعاته وقبُحَت آثاره، وهذه الدنيا التي نحن منها دارٌ فيها ما فيها من أنواع الخطر وألوانه فهي دار الغرور واللعب واللهو، وفي نفس الوقت هي دار العمل الصالح والتزود ليوم الحساب، ونحن قادرون على أن نتصرف بالدنيا كيف نشاء، فإما أن نملكها ونسيطر عليها ونضعها في المكان الذي نريد، وإما أن نستسلم لشهواتها فتملكنا وتأمرنا بالسوء والفحشاء، فكثير من الناس يلعنون الدنيا لأنها أغرتهم وأهلكتهم ولا ينبغي أن يلعن الدنيا بل ينبغي أن يلعن نفسه الأمارة بالسوء التي جعلته عبداً من عبيد الدنيا بدل أن يوقف نفسه للخالق القدير سبحانه وتعالى.

فالدنيا شيء مسخّر للإنسان، والمسخّر للإنسان أضعف من الإنسان، فالشمس والقمر والنجوم والبحار والأنهار والزرع والحيوان كل ذلك مسخر للإنسان يستخدمهم فيما يشاء وساعة يشاء، ونلاحظ بأن الإنسان بنحو من الأنحاء أقوى من الشمس والبحر والحيوان وذلك بما آتاه ربه من قوى عاقلة، والدنيا هي هذه الحياة المسخّرة للإنسان، فلا ينبغي للعاقل أن يسخِّر نفسه لما سُخِّر له إذ لا يليق به أن ينزل إلى هذا المستوى الذي نزّهه الله عنه منذ البداية.

وقد أشار القرآن الكريم إلى حقيقة الدنيا وكيفية التعاطي معها، فقد قال تعالى في سورة آل عمران(وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) وقال تعالى في سورة الأنعام(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) وفي سورة يونس(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ) وفي سورة الحديد(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا)

هذه مجموعة صغيرة من الآيات التي كشفت للناس عن حقيقة الدنيا بهدف الحذر منها، وهناك العشرات من الآيات التي تحدثت عن الدنيا وحذّرت أهلها من زخارفها وخُدَعها، ولذلك نقول إن الإنسان حاكم على الدنيا بما أعطاه الله تعالى من قوى عاقلة مفكّرة تستطيع التمييز بين الصحيح والفاسد والحق والباطل.

قال علي(ع) : إن الدنيا دار صدقٍ لمن صَدَقها ودار عافية لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها:

فالذي يتعامل مع الدنيا على أساس كونها دار ممر وعمل فسوف تكون له دار صدق، وهي دار عافية لمن فهمها على حقيقتها، ودار غنى لمن جعلها داراً للتزود.

وقال(ع) : إنما الدنيا منتهى بصر الأعمى لا يُبصر مما وراءها شيئاً، والبصير يَنفُذُها بصرُه ويعلم أن الدار وراءها، فالبصير منها شاخص والأعمى إليها شاخص والبصير منها متزود والأعمى لها متزود:

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى