
صخرة على الطريق
الغني: هيا يا رجل، مُرِ الخيول أن تزيد من سرعتها، إنني على عجلة من أمري، ما هذا النحس الذي أصابني منذ الصباح، لقد مرت ساعتان دون فائدة، هيا يا كسول، أسرع أكثر.
العامل: إنها تسير بأقصى سرعتها يا سيدي، إنني أخشى أن تنقلب العربة، لا يوجد خيل أسرع منها في المدينة كلها.
الغني: أصمت ولا تثرثر، أنا من يقرر وليس أنت، هل تفهم ذلك أيها الكسول، أفٍ لك ولهذه الخيول، سوف أستبدلها بخيول أصيلة تلبي حاجاتي، هيا أسرع أيها الرجل، لدي اجتماع هام.
العامل: يا إلهي.. ما هذا.. يا للكارثة. ما هذا.. توقفي توقفي، أووووه، نجونا بأعجوبة
الغني: ما الأمر؟ لماذا توقفت يا رجل؟ ألم أقل لك إنها خيول كسولة.
العامل: لا يا سيدي، ليست كسولة، ولكن الطريق مسدود، إنها صخرة كبيرة تعترض طريقنا.
الغني: ماذا؟ دعني أرى، ما هذا؟ من الذي وضع الصخرة في الطريق؟ ألا يعلمون أننني أمر في كل يوم من هنا، إنهم يتحدونني، سوف أريهم قوتي.
العامل: أظنها سقطت من الجبل بفعل المطر، ليس من مصلحة أحد أن يقطع الطريق عليك.
الغني: أصمت، إنك لا تفهم، هيا يا رجل، خذني إلى قصر الحاكم، أريد أن أتقدم بشكوى، إنهم يعطلون تجاراتنا، هيا بسرعة.
الحارس: توقف، ماذا تريد؟
العامل: إن سيدي جمال الدين يريد مقابلة الحاكم لأمرٍ ضروري.
الحارس: إنتظر لحظة… سيدي الحاكم، إن السيد جمال الدين يستأذنكم بالدخول.
الحاكم: الويل لهذا المتكبر الطماع، لا شك أن وراءه مصيبة كالعادة، دعه يدخل لنرى ما عنده.
الغني: التحية لحاكم البلاد الموقر.
الحاكم: أهلاً بك يا جمال، لم أرك منذ فترة طويلة.
الغني: أعذرني يا سيدي، التجارة تأخذ كل وقتي، وأسفاري كثرت في الآونة الأخيرة.
الحاكم: أعرف ذلك يا جمال، لا عليك، ولكن قل لي، ما سبب زيارتك هذه، هل هناك مشكلة؟
الغني: في الحقيقة يا سيدي إن هناك مشكلة حصلت وأريد أن أتقدم بشكوى ضد العمدة.
الحاكم: ما أعرفه هو أن العمدة رجل حكيم ونشيط يطبق القانون بشكل جيد، ولا أظنه يرتكب حماقة ضدك أو ضد غيرك.
الغني: إن حسن ظنكم به حسن، ولكنه ليس أهلاً لهذه الثقة، إنه يرتكب الأخطاء الجسيمة ضد مدينتنا، إنه رجل كسول لا يصلح أن يكون العمدة.
الحاكم: وما هي جريمته هذه المرة؟
الغني: أجل يا سيدي، إنها جريمة كبرى، إنه يعطل تجاراتنا ويضيق علينا، قبل قليل كنت متجها إلى المدينة المجاورة لعقد صفقة تجارية هامة، وفجأة صادفتنا صخرة كبيرة واقعة في منتصف الطريق منعتني من متابعة رحلتي، وكان على العمدة أن يتصرف قبل حلول الكارثة، هذا إن لم يكن هو الذي وضعها، إنه يكرهني يا سيدي، أجل يكرهني ولا أعرف السبب.
الحاكم: لا عليك يا جمال، دعني أحل هذه المشكلة، إذهب إلى عملك واترك الأمر لي، سوف أكلم العمدة في هذا الشأن، فإن كان هو الجاني فسوف أعزله من منصبه على الفور.
الغني: بالطبع هو الجاني، ومن غيره يجرؤ على قطع الطريق.
الحاكم: إهدأ يا جمال، أيها الحارس.
الحارس: أمر مولاي.
الحاكم: أخبر العمدة أنني أريده على الفور.
العمدة: أنا رهن إشارة حاكم البلاد، مرني يا مولاي.
الحاكم: ما قصة تلك الصخرة التي قطعت الطريق بين المدينتين؟
العمدة: في الحقيقة يا سيدي وصلتني مئات الشكاوى من الناس، فقد استيقظوا في الصباح ووجدوا تلك الصخرة تسد طريقهم ولكننا لم نعرف الجاني حتى الآن، سوف آمر الرجال بإزالتها على الفور.
الحاكم: لا أيها العمدة، دع الصخرة في مكانها، إياك أن تلمسها أنت أو رجالك.
العمدة: كما تريد يا مولاي.
الحاكم: إسمع أيها العمدة.
العمدة: نعم يا مولاي، كلي آذان صاغية.
الحاكم: لما كل هذه العداوة بينك وبين التاجر جمال الدين؟
العمدة: أرجوك يا مولاي، لا أحب أن أسمع باسم هذا الرجل.
الحاكم: ما الذي يدفعك إلى ذلك أيها العمدة؟ أنسيت أنك مؤتمن على حياتهم وأرزاقهم.
العمدة: إلا هذا الرجل.
الحاكم: ولماذا كل ذلك.
العمدة: إنه متعجرف ومتكبر وظالم، لا يطبق القانون، فهو يظن نفسه حاكماً للمدينة بماله وتجارته.
الحاكم: لا تشغل بالك به، وعليك أن تطبق القانون على الجميع، إذهب إلى عملك وسوف نتكلم بشأن الصخرة فيما بعد.
العمدة: استأذنك يا مولاي.
الحاكم: تفضل.
الراوي: وبعد أيام قليلة أزيلت الصخرة من مكانها ولم تُعرف هوية الفاعل.
الحاكم: قل لي أيها العمدة، هل تعرف الشخص الذي أزال الصخرة من مكانها؟
العمدة: أقسم يا مولاي لم أفعل، ذهبت إلى المكان ولم أجد الصخرة في مكانها، هذا كل ما في الأمر.
الحاكم: لا عليك، إذهب الآن وابحث عن الشخص الذي أزالها وإتني به على الفور.
العمدة: أمر مولاي.. أيها الرجال إبحثوا في أرجاء المدينة واعثروا على الرجل الذي أزال الصخرة، هيا، لا ترجعوا إلا وهو معكم.
الجندي: حاضر سيدي، ولكن هناك شخص بالباب يطلب الإذن بالدخول لأمر هام.
العمدة: دعه يدخل لنرى ما عنده، من بعد إذنك يا مولاي.
الحاكم: لا عليك، دعه يدخل.
الرجل: التحية لك سيدي.
الحاكم: أهلاً بك، ما وراءك؟
الرجل: سمعت أنكم تبحثون عن الرجل الذي أزال الصخرة من مكانها.
الحاكم: أجل، هل تعرفه.
الرجل: أنا هو يا سيدي.
العمدة: ماذا؟ أنت؟ ولماذا أزلتها؟
الرجل: لن أتكلم إلا للحاكم.
العمدة: وهذا ما يريده الحاكم بالفعل، تفضل يا سيدي هذا هو الجاني.
الرجل: وهل مساعدة الناس جناية برأيك، أنا أزلت الصخرة من مكانها ووجدت.
الحاكم: أوقف الكلام أيها الرجل، إجلسوا من فضلكم، أيها العمدة إذهب وأحضر جميع الذين تقدموا بالشكاوى، وبالخصوص جمال الدين، هيا نفذ الأمر في الحال.
العمدة: كما تريد يا سيدي.
الحاكم: وأنت أيها الرجل لا تبرح مكانك حتى يرجع العمدة.
الرجل: كما تحب يا مولاي.
الراوي: خرج العمدة من قصر الحاكم وأحضر كل شخص تقدم بشكوى بسبب تلك الصخرة التي سدت الطريق.
العمدة: أرجوكم إهدؤوا قليلاً، الحاكم يريد مخاطبتكم.
الحاكم: أيها السادة، منذ أيام قليلة استيقظ أهل المدينة ووجدوا صخرة كبيرة تقطع الطريق على المدينتين، وقد اجتمع عند العمدة مئات الشكاوى، وقد عرفنا الرجل الذي أزالها ولكنكم لم تعرفوا الرجل الذي وضعها في الطريق.
الغني: إنه العمدة يا سيدي، أنا متأكد.
العمدة: أصمت أيها الكاذب.
الحاكم: توقفوا عن الشجار، ليس للعمدة ذنب فيما حصل، أنا الذي وضعت الصخرة في الطريق.
الحاكم: وضعتها لأختبر همم أهل رعيتي، ولكنني لم أجد فيكم غيوراً على المصلحة العامة سوى هذا الرجل الفلاح الذي دفعه الشعور بالمسؤولية إلى رفع الصخرة عن الطريق، وكان بإمكان أي واحد منكم أن يفعل ما فعل هذا الرجل، وبالخصوص السادة الذين عندهم عشرات العمال والخدم، كان الأجدر بك يا جمال الدين أن تأمر اثنين من عمالك لرفع الصخرة لا أن تأتي إلى قصري وتتقدم بشكوى، هناك أمرٌ يجب أن يعرفه الجميع.. تقدم أيها الرجل وأخبر السادة بما وجدت تحت الصخرة.
الرجل: في الحقيقة كنت ماراً في تلك الطريق فوجدت تلك الصخرة في الوسط فأحببت أن أرفعها حتى لا تضر بأهل المدينة فجمعت ثلاثة من الفلاحين أعانوني على رفعها فوجدت تحت الصخرة صندوقاً خشبياً فأخذته وفتحته فوجدته مملوءاً بالذهب فأتيت به إلى قصر الحاكم لأرجع الصندوق إلى صاحبه.
الحاكم: أنا من وضع الصندوق تحت الصخرة، إن فيه ألف قطعة ذهبية هي هدية لك أيها الرجل على اهتمامك بالمصلحة العامة.