
الذنُوبُ تُفْسِدُ القَلْبَ
وهذا من أوضح العواقب الناجمة عن ارتكاب المعاصي والإصرار عليها، فقد قال الإمام الصادق(ع) : كان أبي يقول: ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إنّ القلب لَيُواقعُ الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيُصيَّرُ أعلاه أسفله: وقال(ع) : إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نُكتة سوداء فإن تاب انمحت وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يُفلح بعدها أبداً:
آثَارُ الذنُوبِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا
عندما حرّم الله تعالى على عباده ارتكاب الذنوب فقد صنع ذلك من أجلهم، لأنه عز وجل يريد لهم الخير في الدنيا وفي الآخرة، وهناك أنواع من الذنوب لها آثارها السلبية على الإنسان في دنياه قبل آخرته، فإن ارتكاب الذنوب يميت القلب، وإذا مات القلب مات في الإنسان كل الخير، ومن آثار الذنوب على فاعلها في الحياة الدنيا زوال النعمة عنه، فقد ورد عن رسول الله(ص) قوله: إتقوا الذنوب فإنها مَمْحَقةٌ للخيرات، إن العبد لَيُذنب الذنب فينسى به العلم الذي كان قد علمه: فالرسول(ص) في هذا الكلام يعطي نموذجاً واحداً من نماذج الآثار السلبية الكامنة خلق ركوب الذنوب، وإذا كان الذنب يذهب بنعمة العلم فإنه لا شك سوف يذهب بالنعم الأخرى.
وفي هذا المجال أيضاً قال الإمام الصادق(ع) : إن الرجل يذنب الذنب فيُحرَمُ صلاة الليل، وإن العمل السيء أسرع في صاحبه من السكين في اللحم:
وقال(ع) : ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبها إياه حتى يذنب ذنباً يستحق بذلك السلب:
ومن آثار الذنوب على فاعلها في الحياة الدنيا نزول البلاء والنقم، فقد قال تعالى في محكم كتابه(وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)
قال أمير المؤمنين علي(ع) : تَوَقُّوا الذنوب، فما من بلية ولا نقص رزق إلا بذنب، حتى الخدش والكبوة والمصيبة:
وقال الإمام محمد الباقر(ع) : إن العبد ليُذنب الذنب فيُزوى عنه الرزق:
وقال الإمام الصادق(ع) : إن المؤمن ليأتي الذنب فيُحرَم به الرزق:
وقال الإمام الرضا(ع) : كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون:
وإلى هذا المعنى العام يشير القرآن الكريم بقوله تعالى(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
الشيخ علي فقيه



