أَخْبَارٌ وَأَنْبَاءٌ مِنْ حَيَاةِ الأَنْبِيَاء

أَخْبَارٌ وَأَنْبَاءٌ مِنْ حَيَاةِ الأَنْبِيَاء

نَبِي اللهِ إِسْحَقُ(ع)

 

نَبِي اللهِ إِسْحَقُ(ع)

 

لقد ذكر الله سبحانه وتعالى نبيّه إسحق أكثر من عشر مرات في كتابه العزيز فأشار إلى نبوته وإخلاصه وعظمته وأنه كغيره من الأنبياء(ع)، ولكنه لم يتعرّض إلى ذكر أحداثٍ من تاريخه، ولم يذكر لنا شيئاً من مواقفه، وليس هو الوحيد الذي ذُكر بهذه الطريقة فإن هناك إدريس وإلياس وذا الكفل واليسع ممن ذكر الله تعالى أسماءهم دون أحداثهم، والسبب في ذلك موجود في علم الله عز وجل الذي يعلم المصلحة في جميع الأمور.

وإليكم هنا نصوص الآيات الكريمة التي أشارت بالذكر إلى هذا النبي الكريم الذي لا شك كانت حياته ومواقفه ومسؤولياته مشابهة لغيره من الأنبياء الذين تحدث القرآن عنهم.

قال تعالى:

(أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ){البقرة/133}

(قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ){البقرة/136}

(إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا){النساء/163}

(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ){الأنعام/84}

(وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ){هود/71}

(فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا){مريم49/50}

(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ){الأنبياء/72}

(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ){ص45/47}

 

وِلادَةُ النبِي إسْحَقَ(ع) وَوَفَاتُهُ

 

بعدما بلغ خليل الله إبراهيم(ع) من الكبر عتياً وناهز عمره الشريف مئة وعشرين سنة رزقه الله تعالى بإسماعيل(ع) من زوجته الثانية هاجر فقرّ الله عينه وملأ عليه حياته، ولكن الله تعالى لم يقبل بأن تبقى سارة(زوجة إبراهيم الأولى) من دون ولد، وكانت قد بلغت من العمر ما يمنعها من الإنجاب حيث ناهز عمرها الثمانين سنة، فأراد الله عز وجل أن يقر عينها كما فعل مع خليله إبراهيم(ع) فأجرى لهما معجزة حملت سارة على إثرها بإسحق(ع).

لقد حدثنا الله تعالى عن هذه المعجزة عندما جاءت الملائكة إبراهيم يخبرونه بالمهمة التي أُمروا بها في شأن قوم لوط، وكانت زوجته سارة موجودة فضحكت لهذا الخبر المؤنس لأنها كانت كزوجها مستاءة مما يجري في مدينة لوط فالتفتت الملائكة إليها وبشروها بإسحق فتعجبت للأمر إذ كيف تلد وهي عجوز، وفي ذلك قال تعالى(وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ){هود69/73}

وفي سورة الصافت قال سبحانه(سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ){الصافات109/113}

لقد وُلد هذا النبي الكريم بمعجزة من الله تعالى وقد اصطفاه ربه كما اصطفى أباه وأخاه من قبل ومارس دوره وأدى وظيفته الرسالية على أكمل وجه وأتم صورة إلى أن دنت منيّته وفارق الحياة عن عمر زاد على مئة سنة.

وقد اكتفينا بهذه الكلمات القليلة حول سيرة هذا النبي سيراً على خطى القرآن الكريم الذي لم يذكر عنه سوى القليل لحكمة من الله تعالى.

ويكفي أن نقول: فلان نبي: حتى يتبادر إلى ذهننا تلك المعاناة التي لاقاها من الكفار والمعاندين ونكتشف حجم المسؤولية التي حملها في حياته وأنه لم يسترح يوماً ولم يهنأ بعيشه بسبب تلك المسؤولية الإلهية الملقاة على عاتقه.

فسلام الله تعالى على إسحق وأخيه وأبيه وجميع الأنبياء والصالحين من الأولين والأخِرين.

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى