منوعات

شعبٌ تابِعٌ وخَنوع

حَكَايَا(شَرِيْعَةُ الْغَاب)

 

حَكَايَا(شَرِيْعَةُ الْغَاب)
شعبٌ تابِعٌ وخَنوع

 

يُحكى أنَّ ملِكاً جائراً حَكَم مدينةً واسعة المساحة وكثيرة السكان، وقد أحكم قبضته على رقاب أهلها الذين كانوا يرهبونه، وفي نفس الوقت كانوا يصدّقون أكاذيبه ويطمئنون لوعوده، وكان يُطلِق لهم الشعارات الكاذبة وهم يصفّقون له، والأعجب من ذلك أنهم محرومون من أدنى حقوقهم الواجبة عليه تجاههم، وذات مرة أُصيب سكان تلك المدينة بجوعٍ شديد بسبب السياسات الظالمة وأطماع الملِك وحاشيته الذين رفعوا نسبة الضرائب وأوعزوا إلى التجار برفع أثمان السِلَع على أن يكون للملك وحاشيته نسبة من الأرباح، ولم يكن هناك فُرصُ عمل لأي مواطن لا يتصل بأي واحد من الحاشية، لأنَّ حاشية الملك احتكروا جميع المناصب والوظائف لأقربائهم وأزلامهم فقط، فطلب حكيمُ تلك المدينة من الناس الذهاب إلى الملك وإخباره بالأمر كيلا يموتوا وأولادهم من الجوع، وكان أمره مطاعاً فيهم وآراؤه سديدة، وأخبرهم بأنّ الوصول إلى الملك وإخباره بهذا الشأن هو الطريقة الوحيدة للخروج من تلك الأزمة، ولكنهم في هذه المرة لم يسمعوا له، فلم يذهب إلى الملِك منهم أحد، ليس لأنّ الملِك قوي، بل لأنهم جبناء، والملك في كل ليلة يولم لعلية القوم ويرمي باقي الطعام للكلاب.
ثم ازداد الأمر سوءاً فأتوا إلى دار الحكيم يشكون له سوء حالهم وبؤس عيشهم فأخبرهم الحكيم بأنهم هم السبب وليس الملك وحاشيته، فتعجبوا لقوله وقالوا: وهل يمكن لأحدنا أن يوصل نفسه إلى هذه الدرجة القاسية؟ فقال لهم الحكيم: نعم: لأنكم سكتم عن ظُلم الملك لكم فتمادى بظلمه ولم يعُد يعبأ بكم وبسوء حالكم طالما أنه وحاشيته لا يشعرون بالألم، ثم إنّ الملك لن يحرّك أي ساكن طالما أنه وحاشيته لا يشعرون بالجوع.
وبعد عدة أيام من كلام حكيم القوم مع سكان تلك المدينة أعلن المذياع الخاص بالقصر عن ذكرى مولد ولي العهد، وأنّ الملك سوف يقيم احتفالاً مهيباً بهذه المناسبة السعيدة، فذهب جميع سكان المدينة حاملين معهم الهدايا وباركوا للملك وولي عهده تلك المناسبة بعد أن خطب فيهم وهم يصفقون له، وقد أجلسهم على الأرض احتقاراً لهم، بينما علية القوم من الحاشية والتجار جلسوا على الكراسي المريحة، وقُدمت لهم الحلوى والفاكهة دون عامة الشعب.
علِم حكيم المدينة بذهابهم إلى حضور حفل الملِك فأتى إليهم ناصحاً من جهة، وموبخاً لهم من جهة ثانية وكرّر على مسامعهم تحذيره من احتقار الملك لهم طالما أنهم ساكتون عن حقهم، فقام إليه أحدهم وسبّه وطرده متهماً إياه بتحريضهم على الملك الذي وصل إليه خبر الحكيم فأمر باعتقاله وإعدامه.
هكذا شعب خنوعٌ وجبان يستحق هكذا ملِك جائر ولص.

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى