مَفَاهِيْمُ الْصيَامِ

مَفَاهيمُ الصِيَام

الحِكْمَةُ مِنْ وُجُوبِ الصوْم

 

 

الحِكْمَةُ مِنْ وُجُوبِ الصوْم

 

من أخطر الأخطار على عقيدة الإنسان واستقامة عقله ودينه وإخلاصه هو ما قاله بعض الكتّاب وما ذكره بعض المؤرخين والمفسرين واباحثين ممن لم تكتمل عندهم الأدلة الكافية والبراهين القاطعة على ما اعتمدوه حول الحكمة أو العلة من إيجاب الصوم، كلٌ له رأي خاص يتمسك به وهو في قرارة نفسه يعلم يقيناً بأن هذا ليس الحق ولكنه وجد نفسه متحيراً أو ضعيفاً أمام بعض الملحين على معرفة علل الأحكام والفرائض فثقل عليه ادعاء الجهل وعدم المعرفة في هذا المجال فجاراهم بقول ما ليس من الواقع ليخلص نفسه من الإتهام، هذا مع العلم بأن هناك طرقاً يستطيع من خلالها أن يتنصل من المسؤولية الشرعية ويقنع السائل قناعة تامة، والأمر لا يحتاج إلى مشقة وتعب بل هو في غاية السهولة، والإجتهاد في مثل هذه الموارد خطير للغاية لأن المجتهد في بيان العلة من هذه الفريضة وتلك يحدد الإرادة الإلهية التي لا يمكن أن يحددها سوى الله عز وجل، فكيف يمكن لعاقل باحث ومفكر أن يتدخل فيما لا يعنيه وفيما لا يمكن الوصول إليه؟ وهنا يكمن السر في تعجبنا من خلال تلك الإدعاءات التي عادت على أصحابها ومتبنّيها والناس بالحيرة وخيبة الأمل عندما يرون ما يخالف اعتقادهم في هذا المجال أو عندما يشعرون بوهن تلك الآراء القائمة على الذوق الخاص المجرد عن الدليل والحجة.

فمن الخطر على عقيدة الإنسان أن يستسلم لفقرة من كتاب أو لكتاب من مجموعة كتب يمكن أن يكون كاتبها ومهذبها وجامع مضامينها مخطئاً أو مقصراً في المقدمات المطلوبة، وهنا أوجه نصيحة لكل قارئ أو مستمع أن لا يستسلم لأي رواية من دون أن يرجع إلى أهل الخبرة، ولا قدرة له على أن يحدد مَن هم أهل الخبرة حتى يرجع إلى أهل هذا الإختصاص فهم الذين يوجهونه التوجيه الصحيح، فلقد تعرّض كثير من الناس إلى ذكر العلة من إيجاب الصوم، فمنهم من قال بأن العلة منه هو شعور الغني بألم الفقر ليعطف على الفقراء، ومنهم من قال بأن العلة هي سلامة الأبدان من بعض الأمراض، ومنهم من قال بأنها تقوية الإرادة لدى الإنسان ليمرن نفسه على تحمل المشاق والمتاعب ومنهم من قال غير ذلك، ونحن هنا لا ننكر كل هذه الأمور إذ قد يكون لها مدخلية في تكوين العلة وصناعة السبب، فما نرفضه هنا هو أن نعتمد واحداً من هذه الأمور ونجعله على لوجوب الصوم، فلكي نبين العلة الحقيقية بالشكل المطلوب ينبغي أن نجمع كل تلك الأقوال بضميمة الإعتقاد بأن العلل الحقيقية محتفَظ بها عند الله عز وجل، وما عرفه الناس فهو شيء من العلة إن سلّمنا بأن له دخلاً فيها إذ قد يكون ما يقال أجنبياً عن العلة الحقيقية، فاعتماد أن العلة من الصوم هو شعور الغني بالجوع أمر لا أظن أنه يكشف عن المراد لأن هناك أغنياء يشعرون بجوع الفقراء ويعطفون عليهم فهل أنه إذا تحققت العلة المطلوبة سقط وجوب الصوم عن الأغنياء الذين يشعرون بجوع الفقراء؟ وإذا كانت العلة هي هذه، معنى ذلك أن الوجوب سقط عن الذين تحققت عندهم هذه الأمور، وهذا ما يكشف لنا بكل وضوح أن مسألة شعور الغني بجوع الفقير لا علاقة لها بأصل العلة وإن كانت العلة الحقيقية فيها شيء من هذا القبيل، وكذا الحال في ادعاء أن العلة من أجل صحة الأبدان فهل إذا كان بدن الإنسان معافاً من الأمراض فقد سقط عنه الصوم؟ وما قلناه في الأول نقوله هنا غير أن الصوم له أثر إيجابي على البدن وقد ورد في الحديث صوموا تصحوا، وقد لا يكون المراد بالصحة هنا صحة البدن بل صحة الدين والعقيدة وهذا ممكن، فوجود مثل هذا الأثر في الصوم لا يجعله العلة من إيجابه خصوصاً من وجود أشخاص يؤذيهم الصوم وقد أعفاهم الشارع من القيام بهذه الفريضة، وهذا أكبر دليل على عدم صحة هذا الإدعاء إذ لو كانت صحة الأبدان سبباً في وجوب الصوم لما تضرر منه أحد.

هناك مجموعة من الأحاديث تكشف بمجموعها عن بعض أجزاء العلة من وجوب الصوم فهي تُحمل على كونها جزءاً من العلة وليس على أساس كونها العلة التامة.

قال رسول الله(ص) عليكم بالصوم فإنه محسَمةٌ للعروق ومَذهَبةٌ للأَشَر:

وقال علي: فرض اله الصيامَ..ابتلاءاً لإخلاص الخلق:

وقالت الزهراء: فرض الله الصيام تثبيتاً للإخلاص:

وقال الحسين: ليجد الغني مس الجوع فيعودَ بالفضل على المساكين:

وقال الباقر: الصيام والحج تسكين للقلوب:

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى