منوعات تاريخية

أهم أهداف الهجرة من المدينة

رحلة سيد الشهداء(ع) من المدينة إلى كربلا

 

 

أهم أهداف الهجرة من المدينة

 

لا يكتفي العقلاء في الحكم على شيء من خلال الظاهر، لأنه في الغالب لا يحكي لنا حقيقة الجوهر، وهذا من شأنه أن يدعو العاقل إلى البحث في أعماق المسائل كيلا يكون حكمه جائراً من خلال تقصيره في المقدمات المطلوبة لإجراء المحاكمة.

وقد هُدر عبر التاريخ حقوق أناس مظلومين كانوا ضحية عدم اكتمال الأدلة وتسرُّع القضاة في الحكم عليهم، في حين كان يجب على القاضي أن يتأنى ويتريث قليلاً علّه يصل إلى دليل يغيِّر مجرى الحكم.

وهناك حقوق إنسانية قد حُكم عليها بداعي البغض والكراهية والتعصب الأعمى الذي من شأنه أن يعرقل كثيراً من الحوادث ويضيّع حقوق أهل الحق، كما حُكم على الثورة الكربلائية من قِبل بعض المعادين لمذهب الحق، أو من قِبل الذين نظروا إلى الظاهر ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن الحقيقة، فحكموا بالفشل على ثورة كانت قمة في النجاح المميز الذي لم يشهد التاريخ نجاحاً مثله.

وفي مثل هذه الأحداث الكبرى يجب التأني في إصدار الحكم لأن قائد الثورة ليس بالإنسان المتهور أو المتسرع حتى يُقدم على أمر لا فائدة منه.

إن نفس علمنا بأن الحسين بن علي(ع) هو الذي قام بالثورة يدفعنا إلى البحث عن الحقيقة لأنه لا شك في وجود مصلحة كبرى من وراء هذا العمل الكبير الذي أدى إلى استشهاده واستشهاد أولاده وأصحابه.

لقد كان حكمهم على ثورة أبي عبد الله(ع) أسرع من حكمهم على القضايا الصغرى، ولعل السبب في تسرُّعهم هو علمهم القطعي بوجود فائدة عظمى هم لا يريدون التوصل إلى معرفتها، وذلك بهدف إرضاء الحاكم الظالم أو بسبب خوفهم من جوره وظلمه، وهذا لا يبرر لهم ارتكاب تلك الجريمة القذرة في حق الحسين والإسلام.

لقد حكم الجميع في البداية على استحقاق الحسين ما نزل به في أرض كربلاء لأنه لم يطع الخليفة، بل خرج على حكمه فاستحق هذا العقاب الطبيعي لكل من يخرج على الباطل ويحاول التصحيح.

لقد كان الفساد في نظرهم صلاحاً والباطل حقاً والضحية جزاراً، وقد أشبه حكمهم على الحسين وأصحابه حكم فرعون على موسى ومن آمن معه، وحكم النمرود على إبراهيم الخليل.

لقد كانت حجتهم أن الأنبياء تخلوا عن آلهتهم فاستحقوا الموت والتعذيب قبل الموت، وهكذا كان حكم التابعين ليزيد على الحسين وأصحابه.

لقد كان حكمهم على ثورة كربلاء بعيداً عن منطق العدالة بُعد الأرض عن السماء لأنه كان حكماً جائراً أجراه الشيطان الرجيم على ألسنتهم بإيعاز من شيطان الإنس(يزيد بن معاوية) الذي حاول أن يجيِّر الأمور لمصلحته قبل أن يظهر الحق للناس، فراح يوجِّه الإتهامات ويعطي المبررات التي دفعته لمعاقبة الحسين، فادعى بأن الحسين حاول أن يخرب النظام الإسلامي ويفكك اللُّحمة بين المسلمين لأنه تخلف عن بيعة إمام الزمان الموهوم(يزيد) وقد جعل من فعله الشنيع عبرة لكل من يفكر بالمواجهة.

لقد زرع في نفوس الناس فكرة أن تلك المجموعة التي قضى عليها في كربلاء هي مجموعة تشكِّل خطراً على الدين، مع أنها هي التي تمثل الدين الصحيح.

وقد شرب كثير منهم هذه الفكرة المضللة حيث هجم كثير من أتباع يزيد على موكب السبايا يشتمونهم ويضربونهم ويقولون لهم: الحمد لله الذي قتلكم وأراح البلاد منكم:

وهذا نموذج صغير على مدى تأثير تلك الدعاية على نفوس الناس.

لقد قامت تلك المحاكمة على قواعد الجور والإفتراء، وعلى آثار الدعايات الكاذبة التي افتعلها اليزيديون ضد أهل البيت(ع).

إنها أحقر محاكمة في تاريخ الإسلام، لأن الوحيد الذي يحق له أن يحكم على الآخرين هو المحكوم عليه جوراً في هذه المحاكمة.

ونحن بدورنا نحكم على يزيد بحكم الله ورسوله، وهو الخلد في العذاب الأليم لأنه لم يرتكب جريمة في حق الحسين فحسب، وإنما ارتكب جريمة في حق الإسلام والإنسان.

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى