
وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة/221}
نزلت هذه الآية في رجل بعثه رسول الله إلى مكة ليُخرج منها جماعة من المسلمين فاعترضته امرأة من المشركين كانت تعرفه في الجاهلية فعرضت الزواج عليه فرفض حتى يستأذن رسول الله فلما استأذن الرسول نزلت هذه الآية لتبين حرمة الزواج من المشركة مبينة أن الزواج من الأمة المؤمنة العفيفة أفضل وإن كانت فقيرة الحال فإن العبرة في القلب وما حوى وليس في الجمال الظاهري الذي لا يغير شيئاً في موازين الأمور، وكذلك بينت الآية الكريمة حرمة زواج المؤمنة من المشرك وإن كان غنياً وجميلاً مبينة أن الزواج من العبد المؤمن خير من الزاج من الحر المشرك، والسبب في تلك الحرمة هو أن الكفار يدعون إلى النار ويشجعون على الكفر ويتجرأون على الله أما المؤمن فإنه يدعو إلى مضاة الله سبحانه، وهذا من جملة الآيات التي بينها الله للناس علهم يتفكرون في حكمة ربهم.
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة/222}
للمرأة عادة شهرية تستمر ما بين ثلاثة أيام وعشرة أيام تحون فيها المرأة حائضاً، ولقد كان لليهود والنصارى أحكام متناقضة في شأن المرأة الحائض، فاليهود كانوا يحرمون جلوس المرأة الحائض مع الرجل ويعتبرون الجلوس معها منجساً لبدنه وثوبه، والنصارى لا يرون فرقاً بين أن تكون في العادة الشهرية أو طاهرة فإن الحكم عندهم واحد، وقد نزلت هذه الآية لتبين حكم المرأة الحائض في الإسلام فإنه لا يجوز للرجل أن يجامعها أثناء الحيض ويجوز له ما عدا ذلك، فيجوز لها أن يجلس معها ويقترب منها ولكن من دون دخول، وقد أثبت العلم الحديث وجود أذى كبير من مجامعة المرأة أثناء الحيض ولهذا أخبرنا القرآن فإن في جماعها أذى، وهذا الأذى منه ما هو مادي ومنه ما هو معنوي، ولهذا ينهانا الله عن مقاربة النساء أثناء الحيض، والمراد بالمقاربة هو الجماع وليس الإقتراب منهن.
فإذا انتهى الحيض فأتوهن من حيث أمركم الله أي يجوز لكم مقاربة النساء لدى انتهائها من دم الحيض حتى قبل أن تغتسل منه.
نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ{البقرة/223}
لقد شبّه الله النساء بالمزرعة وليس فيه شيء من الإنتقاص بل فيه بيان لأهمية هذا الجنس في المجتمع البشري الذي اعتبره رب العالمين مصدراً للحياة والنمو، فيا أيها الرجال إن النساء مزرعة لكم ولكم أن تأتوها أنى شئتم، وأنى شئتم فإن كانت مكانية فهي تبيح للرجل إتيان زوجته في أي مكان، وإن كانت زمانية فهي تبيح له المعاشرة في أي زمان إلا في وقت الحيض الذي أشار الله إلى حرمتة في آية سابقة، وقدموا لأنفسكم، وهذا يعني أن معاشرة النساء لا تقتصر على اللذة الجنسية وإنما يوجد خلف ذلك أهداف سامية وهي تأسيس أسرة صالحة فيجب على الأب أن يربي أبناءه على الطاعة وأن يتقي الله في تربيتهم وعليه أن يعلم أنه سوف يلاقي رب العالمين في يوم القيامة وسوف يسأله عن كل شيء، ثم أمر الله رسوله في الآية أن يبشر المؤمنين بكل خير، وقد ورد عن رسول(ص) أنه قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ عن ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له:
وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة/224}
لا ينبغي على العاقل أن يحلف بالله على كل شيء كيلا يُستخف بالله عز وجل، وقد وردت أحاديث كثيرة تنهى عن اليمين في حالتي الصدق والكذب، وبعضها نهى عن اليمين في الأمور الصغيرة وأباحه في الكبيرة، ولا ينبغي للمرء أن يحلف بالله على ترك أمر فيه مرضاة لله كما فعل الصحابي عبد الله بن رواحة عندما حصل خلاف بين ابنته وصهره فحلف بالله أن لا يُصلح بينهما فنزلت هذه الآية الكريمة لتنهى عن الحلف بغير إدراك، فبدل أن تحلف بالله على أن لا تصلح كان الأجدر بك أن تترك الحلف وتصلح بين الناس فإن ذلك أعظم عند الله.
ولا ينبغي للمؤمن أن يكون كثير الحلف وقد ورد أن أمير المؤمنين علياً(ع) احتكم عند أحد القضاة على حق ثابت لأمير المؤمنين فطلب منه القاضي أن يحلف بالله فترك الحلف بالله واستغنى عن حقه كيلا ينزل بذكر الله إلى مستوى وضيع كهذا، وقد ورد عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فإنّ الله سبحانه يقول: (ولا تجعلوا الله عُرضة لأيمانكم):
لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ {البقرة/225}
لا ينبغي أن يكون القسم مانعاً عن أعمال البر وقد عرفنا ذلك في الآية السابقة، وهذه الآية تشير إلى نوعين من القسم، نوع عبّر عنه القرآن باللغو فهو لا ينعقد ولا أثر له وهو ما يستعمله الناس في حياتهم من دون قصد كمن يقول بلى والله ولا بالله وما شابه ذلك مما لم تنعقد القلوب عليه، ومثله القسم الذي يصدر عن الغضب الذي يُخرج الإنسان عن صوابه فإنه نوع من اللغو فلا ينعقد اليمين في مثل هذه الحالة، ونوع ينعقد وهو الذي يكون من ورائه هدف وغاية وقصد، والله تعالى برجمته لا يؤاخذنا بالنوع الأول ولكن ينبغي على المؤمن أن يتركه كيلا يحصل من ورائه استخفاف بالله، ولكنه يؤاخذنا على الثاني الذي يجب الإلتزام به ولا يجوز أن نخالفه بل إننا إذا نقضناه وجبت علينا الكفارة كما لو حلف الإنسان أنه لن يتناول هذا النوع من الطعام أو الشراب لأنه يضره ففي مثل هذه الحالة يجب أن يلتزم بمضمون القسم.
لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة/226}
الإيلاء هو القسم على ترك وطء الزوجة وهو تقليد جاهلي وقد كان معمولاً به حتى عند ظهور الإسلام وبقي كذلك إلى أن نزل حكم الطلاق فلقد كان الرجل في الجاهلية يضيق على الزوجة بهذا القسم فلا تستطيع أن تتزوج بغيره أما هو فلم يقاربها لأنه أقسم على ترك وطئها ولكنه لا يتأثر بهذا القسم الذي فيه ظلم للمرأة حيث يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة، إلى أن نزلت هذه الآية وقضت على هذا التقليد الجاهلي الظالم، وقد أمهل الإسلام الزوج قبل الطلاق مدة أربعة أشهر عله يستيقظ من هذا الجهل ويحل قضية زوجته فإن فاء إلى الحق فإن الله غفور رحيم فيستطيع أن يرجع إلى حياته الزوجية السابقة وهذا يدل على أن العودة عن مثل هذا القسم ليست ذنباً وإن وجبت الكفارة عليه، ولكنه إذا انقضت المدة ولم يرجعها ولم يتراجع عن قسمه فهنا يأتي العلاج الإسلامي لهذه القضية.
وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة/227}
إن رجع إليها فبها ونعمت وإلا فعليه أن يطلقها فإن لم يطلقها وأبقاها تحت رحمة قسمه الظالم فعندها يتدخل الحاكم الشرعي ويضيق عليه حتى يطلقها لأن الإسلام لا يرضى بأي نوع من أنواع الظلم.
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة/228}
لقد شرع الله الطلاق كما في الآية السابقة، وفي هذه الآية يشير إلى بعض أحكام الطلاق، فإن حصل الطلاق وجبت العدة عليها وهي ثلاثة قروء، والقرء يدل على الحيض أو النقاء والمؤدى واحد، وقد فوض الإسلام أمر الحمل والحيض إلى المرأة فلا يجوز له أن تكتم ما خلق الله في رحمها، وما خلق الله فيه إما أن يراد به الحمل أو العادة الشهرية فيجب عليها أن تخبر بهما حتى يُعلم خروجها من العدة أو عدم خروجها منها، وبعولتهن أحق بردهن فيستطيع الزوج أن يرجعها إلى عهدته في أثناء العدة إن كان الطلاق رجعياً، فيُرجعها إن أراد الإصلاح وليس الإضرار بها كما كان يحصل في الجاهلية وكما يحصل اليوم فإنه يرجعها إلى عهدته كي يظلمها ويحرمها من الزواج من غيره، وكما كان للرجل حقوق على زوجته فكذلك وضع الإسلام حقوقاً للزوجة على الزوج وقد أنقذها الإسلام من حكم الجاهلية فجعل لها شأناً كبيراً ورفع عنها الظلم الذي كان محيطاً بها وخصوصاً من زوجها.
وللرجال عليهن درجة، إن للرجل حقوقاً على المرأة وكذا العكس، ولكن هذه الحقوق ليست متساوية تماماً فإن هناك تمايزاً في بعض الحقوق بينهما إذ ليس من العدل أن نجعلهما في عرض واحد مع وجود هذا الإختلاف التكويني بينهما فهناك مسؤوليات ملقاة على عاتق الرجل لا تستطيع المرأة القيام بها وكذا العكس ولكن مسؤولية الرجل في الحياة أكبر ولأجل هذا حصل شيء يسير في التمايز بين حقوقهما.
الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة/229}
جاءت إمرأة إلى إحدى زوجات النبيّ وشكت لها من زوجها الّذي يطلّقها مراراً ثمّ يعود إليها للإضرار بها، وكان للزّوج في تقاليد الجاهليّة الحقّ في أن يطلّق زوجته قدر ما يشاء ثمّ يعود إليها فلم يكن للطّلاق حدٌّ وحينما اطّلع رسول الله على شكوى هذه الإمرأة نزلت الآية وبيّنت حدّ الطّلاق، وبهذه الأحكام العادلة يحاول الإسلام أن يخفف عن المرأة التي كانت مضطهدة في الجاهلية وما زال الكثيرون يظلمونها حتى يومنا الحاضر فالطلاق مرتان فيستطيع الرجل أن يرجع زوجته بعد طلاقها الرجعي مرتين أثناء العدة أما الطلاق الثالث فيحسم الأمر فلا يستطيع أن يرجعها حتى تنتهي عدتها وتتزوج بآخر ثم يطلقها الآخر فتعتد منها وحينها يمكن للزوج الأول أن يتزوجها مجدداً، فإما أن يمسكها بمعروف ويعيش معها تحت ظل حكم الله وإما أن يسرحها بمعنى أن يطلقها مرة ثالثة فلا تعود إليه إلا بالشروط التي ذكرناها.
وعند الطلاق الثالث لا يجوز للرجل أن يحرم المرأة من مهرها، هذا إذا كان الرجل ممن يخافون الله أما إذا كان مستهتراً بحكم الله ولم يطلقها فعندها تفتدي بمهرها وتبذله له حتى يطلقها ويسمى هذا النوع من الطلاق الطلاق الخلعي، هذه حدود الله وإياكم أن تتعدوا هذه الحدود وإلا كنتم من الظالمين، وعقاب الظالم نار جهنم.
فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة/230}
إذا طلقها مرة ثالثة فلا يجوز له أن يرجعها لا أثناء العدة ولا بعد انقضائها حتى تتزوج من غيره ثم يطلقها الثاني ثم بعد العدة من الثاني يجوز له أن يتزوجها إن علم بأنه سوف يقيم حدود الله معها وإلا فمن الأفضل أن لا يتزوجها كيلا يقع في المخالفة الشرعية ولا بد في الزواج الثاني من الدخول فإن مجرد العقد عليها ثم طلاقها لا يخولها الزواج مرة أخرى من الأول حتى يدخل بها الثاني، ولذا جاءت امرأة إلى رسول الله وقالت.: كنتُ عند ابن عمّي (رفاعة) فطلّقني ثلاثاً، فتزوّجت بعده عبدالرحمن بن الزبير، ولكنّه أيضاً طلّقني قبل أن يمسّني، فهل لي أن أعود إلى زوجي الأول؟ فقال رسول الله “لا، حتّى يذوق عسيلتك، وتذوقي عسيلته.
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة/231}
إذا طلق الرجل زوجته فعليه أن يعاملها أثناء العدة بالمعروف والإحسان علهما يرجعان إلى بعضهما من خلال هذا الإحسان، ولكنهما إن أصرا على الفراق فعليهما أيضاً أن ينفصلا بجو من الصفاء ولا يجوز للمطلق أن يُرجع زوجته إلى عهدته بدافع الإنتقام فإن ذلك من عادات الجاهلية وفي ذلك ظلم للنفس لأن الذي يعصي الله فإنه يظلم نفسه ثم يحذرنا الله من أن نتخذ آياته وأحكامه استهزاءاً فذلك جريمة كبرى وقد كان الرجال في الجاهلية يطلقون زوجاتهم بدافع المزاح والهزو فنزلت هذه الآية لتحذرهم من هذا السلوك وعليكم أن تذكروا نعمة الله عندما أنقذكم من عادات الجاهلية القاتلة وأن تشكروه على نعمه التي لا تعد ولا تحصى والتي من جملتها أنه أنزل عليكم الكتاب لتتعظوا بآياته وتكونوا يوم القيامة من الناجين واعلموا أيها الناس أن الله تعالى يعلم كل شيء وأنه سوف يحاسبكم على كل شيء.
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة/232}
ورد في سبب نزول هذه الآية أن أحد أصحاب رسول الله وهو معقل بن يسار عارض زواج أُخته “جملاء” من زوجها الأوّل “عاصم بن عدي” لأنّ عاصماً كان قد طلّقها من قبل، ولكن بعد انقضاء العدّة رغب الزوجان بالعودة بعقد نكاح جديد فنزلت الآية ونهت الأخ عن معارضة هذا الزواج فإذا وجدت الرجل الرضا في الزواج من امرأة فلا ينبغي أن نقف بينهما وبين هذا الزواج لأن ذلك أزكى وأطهر لنا ولمجتمعنا وإننا بالتشجيع على الزواج تقضي على الفاحشة بيننا، والآية تشير إلى معارضة الأخ لزواج أخته أما الحكم فهو عام يشمل الأولياء أيضاً فحتى الولي لا يجوز له أن يمنع مثل هذا الزواج الميمون القائم على رضا الله وطاعته.
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة/233}
ترتبط هذه الآية بما قبلها لأنها تتصل بالحياة الأسرية فإن الأولاد من ثمار الحياة الزوجية، ولم يضع الإسلام أحكاماً للزواج فقط بل له ولما يتصل به من قريب أو بعيد.
وهذه الآية الكريمة تشير إلى سبعة أحكام تتعلق بموضوع الإرضاع.
لقد قال تعالى والوالدات، يعني الأمهات، ولم يقل الأمهات لأن لفظ الأم قد يُطلق على الجدة أيضاً، إن حق الإرضاع في سنتي الرضاعة يعود للأم، صحيح أن الولاية أعطيت للأب على الصغار إلا أن هذه الفترة هي حق للأم التي تغذي طفلها جسدياً وروحياً وهذه من حكمة الله تعالى لأن المولود لا ينفصل عن أمه في تلك المرحلة.
ولا يجب أن تكون الرضاعة سنتين فإن الأم هي التي تحدد مصلحة الطفل فلها أن تقلل من تلك المدة ولها أن تتم الرضاعة إلى السنتين.
ومن الأحكام التي وردت في هذه الآية مسألة النفقة فيجب على الأب أن ينفق عليها وعلى الولد في تلك المدة، وعلى المولود له رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف، ما أروع هذا التعبير فإن فيه لفت انتباه للأب أن هذه الأم ترضع من وُلد لك أنت حتى يحرك بداخله مشاعر الأبوة فعليك أيها الأب أن تنفق على طعامها وكسوتها بالشكل العادي ومن دون تقتير أي بالمعروف وهذا يعني أن تكون النفقة لائقة بحالها.
ثم إنه لا ينبغي أن يتأثر الولد بخلافات الأبوين فإن لهذا الولد حقاً عليهما فلا يجوز للأب أن يظلم الولد كرهاً بأمه وبغضاً لها أو انتقاماً منها ولا يجوز لها هي أن تفعل ذلك وهو معنى قوله تعالى(لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ) وقيل إن المراد أنّ الأب ليس له أن يسلب الزّوجة حقّها في المقاربة الجنسيّة خوفاً على الحمل ولا الاُم بإمكانها منع زوجها من هذا الحقّ لهذا السبب.
ثمّ تبيّن الآية حكماً آخر يتعلّق بما بعد وفاة الأب فتقول: (وعلى الوارث مثل ذلك) يعني أنّ الورثة يجب عليهم تأمين احتياجات الاُم في مرحلة الرّضاعة للطفل.
فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وعلى الأبوين أن يتشاورا في موضوع فطام الولد فلهما أن يفطماه قبل المدة المذكورة فيما إذا كانت المصلحة في فطامه قبل انقضائها ولا إثم عليهما إن فطماه قبل السنتين ما لم هناك خطر على حياة الطفل وإلا وجب حفظه من الضرر.
وأحياناً تمتنع الاُم عن حضانة الطّفل أو أنّه يوجد مانع حقيقي لذلك، ففي هذه الصّورة يجب على الولي أن يحل هذه المسألة ولذا قال تعالى(وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلّمتم ما آتيتم بالمعروف).
وهناك عدّة تفاسير لهذه الجملة، ذهب بعض المفسّرين إلى أنّه لا مانع من اختيار مرضعة بدل الاُم بعد توافق الطرفين بشرط أنّ هذا الأمر لا يسبّب إهدار حقوق الاُم بالنسبة إلى المدّة الفائتة من الرّضاعة، بل يجب إعطاءها حقّها في المدّة الفائتة التي أرضعت فيها الطّفل حسب ما تقتضيه الأعراف والعادات.
وذهب بعضهم إلى أنّ العبارة ناظرة إلى حقّ المرضعة، فيجب أداء حقّها وفقاً لمقتضيات العرف والعادة، وفي الختام تحذّر الآية الجميع و تقول (واتّقوا الله واعلموا أنّ الله بما تعملون بصير) فلا ينبغي للإختلافات التي تحصل بين الزّوجين أن تؤدّي إلى إيقاد روح الإنتقام فيهما حيث يعرّض مستقبلهما ومستقبل الطّفل إلى الخطر، فلابدّ أن يعلم الجميع بأنّ الله تعالى يراقب أعمالهم.
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة/234}
يحاول القرآن الكريم أن يضع ميزاناً عادلاً لكل شيء بحيث لا يكون فيه إفراط ولا تفريط ويركز حديثه على مسائل تتعلق بالمرأة لأنها كانت الهدف الأول في تاريخ العهد القديم الذي جعل من المرأة حقلاً للتجارب وموضعاً لتنفيس الأحقاد وتطبيقاً لتلك العادات الشيطانية التي حاربها الإسلام بشدة، كان للقبائل في العصر الجاهلي عادات سيئة حول المرأة التي يموت زوجها، فبعضهم كان يحرقها عند موت زوجها، وبعضهم كانوا يدفنونها حية معه، وبعضهم كانوا يحرمونها من نعمة الزواج بعد موته مدى الحياة، وبعضهم كان يفرض عليها قيوداً قاتلة إلى أن نزلت هذه الآية ووضعت منهاجاً لها بعد موت زوجها يتناسب مع الوضع النفسي لها والوضع الإجتماعي حولها وهو بذلك يحفظ مشاعرها ومشاعر ذوي زوجها في آن واحد ولذا أمرها بالعدة بعد موته أربعة أشهر وعشرة أيام وبعدها يجوز لها أن تمارس حياتها الطبيعية حيث ليس من المنطقي أن تتزوج بعد موت زوجها بيوم أو أسبوع أو شهر فإن في ذلك أذى لروح الميت ولأهله، وهناك الكثيرون في زماننا من أهل الزوجة يضيقون عليها بعد موت زوجها ويفرضون عليها أحكاماً ظالمة وعادات سيئة وعلى رأسها منعها من الزواج لظنهم بأنهم يحسنون في هذا الحكم مع أنهم يقومون بالخطأ الواضح، القرآن الكريم يخاطبهم بلهجة طيبة ويقول لهم إذا انقضت عدة الوفاة فلا إثم عليكم إن تركتموها تختار مصيرها وتحدد مستقبلها.
لا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهنّ بالمعروف يمكن لنا أن نستفيد من هذه الفقرة أمرين: الأمر الأول وهو سقوط ولاية الأب والجد عن المطلقة، والأمر الثاني: وهو أن تُحسن المرأة في تلك المرأة الإختيار بمعنى أن تتصرف بالمعروف وتنظر إلى مستقبلها بعين واضحة لا أن تستعجل وتفرط بنفسها.
وفي فترة العدة يحرم على المرأة أن تتصرف بما ينافي حق الموت فلا يجوز لها أن تتزين وتظهر علامات الفرح فلقد جاءت إحداهن إلى رسول الله وهي في عدة الوفاة واستأذنت منه أن يسمح لها بالإكتحال فنهاها النبي عن ذلك بعد أن بيّن لها التسامح في دين الإسلام مقارنة مع ما كانت تتعرض له الأرامل في الجاهلية، وما عدة الوفاة سوى احترام للحياة الزوجية تلك العلقة التي جعلها الله تعالى من آياته، وعدة الوفاة لا تبدأ من حين الموت بل من حين علم المرأة بموت زوجها وهذا ما يدل على مدى اهتمام الإسلام بتلك العلاقة.
وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ {البقرة/235}
لا إثم عليكم إذا قررتم الزواج من الأرملة وهي في عدة الوفاة ولكن لا يجوز أن تخطبها علناً وكذلك لا يجوز أن تختلي بها وتعدها بالزواج إلا إذا انسجم ذلك مع الوضع العام بأن كانت هناك إشارات تدل على ذلك أو كانت معاملتك لها حسنة بداعي التخفيف عنها وإن كنت من خلال تلك المعاملة تطمح إلى الزواج بها، ولا يجوز العقد عليها قبل انتهاء العدة فمن أقدم على ذلك عالماً بالحرمة حرمت عليه أبداً، والله يعلم ما يدور في صدوركم وإياكم أن تعصوه وهو في ذات الوقت غفور لمن يسلك طريق التوبة.
لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ {البقرة/236}
كان هناك وهم مفاده أنه لا يجوز طلاق المرأة قبل الدخول بها، والآية هنا تشير إلى جواز هذا النوع من الطلاق بل هو أفضل لهما في هذا الوقت إن علما بأنهما لا يستطيعان الإستمرار معاً، فإذا كان قد عقد عليها ولم يدخل بها ولم يكن قد عيّن المهر ففي هذه الحالة ينبغي أن يقدم لها هدياً تليق بها فعلى الموسع قدره يعني على الغني أن يقدم ما يتناسب مع وضعه وعلى المقتر الفقير أن يقدم لها ما يستطيع، وقد اعتبرت الآية أن هذا العمل يأتي في إطار الإحسان للمرأة كيلا تشعر بصدمة الفراق أو تشعر بأنه لا شأن لها، والمتاع هو ما يستمتع به المرء وينتفع به.
وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة/237}
إذا عقد عليها وحدد لها مهراً وأراد أن يطلقها قبل الدخول بها فعليه أن يدفع لها نصف المهر المحدد، ولكن للزوجة حق التنازل عن حقها وكذا من بيده عقدة الزواج كالولي بالنسبة للصغيرة فله أن يعفو عن الزوج ويسامحه بالمهر، والعفو أفضل لأنه يحافظ على الروابط الأخلاقية والإجتماعية والإنسانية بين الناس وهذا معنى ولا تنسوا الفضل بينكم.
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {البقرة/238}
يوجه الله أمراً بالمحافظة على الصلاة عموماً وعلى صلاة الظهر خصوصاً وقد حث بها المسلمين على أدائها جماعة خلف رسول الله لأن فيها ثواباً عظيماً عند الله، والصلاة الوسطى هي صلاة الظهر لأنها تقع في وسط النهار ولأن الناس كانوا يتخلفون عنها بحجة الحر أو البرد، وهناك الكثير من الأقوال في معنى الوسطى ولكن الأكثرين يقولون إنها صلاة الظهر وقوموا لله قانتين خاشعين متضرعين ولا يشغلكم الحر أو البرد أو الأولاد عن ذكر الله وفي معنى القنوت هنا ورد عن الصادق(ع) أنه قال: إقبال الرّجل على صلاته ومحافظته على وقتها حتّى لا يلهيه عنها ولايشغله شيء:
فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ {البقرة/239}
هذه الآية تدل على أهمية الصلاة التي لا تُترك حتى في أحلك الظروف فإن خفت أن تفوتك فصل وأنت ماش أو راكب على دابتك، وعليكم أن تذكروا الله وتعبدوه وتشكروه لأنه هداكم إلى الحق وعلمكم ما لم تكونوا تعلمون، وعند زوال الخطر عليكم أن تعبدوا الله كما علمكم.
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة/240}
تشير هذه الآية إلى حكم يتعلق بعدة الوفاة وقد قرره الفقهاء في رسائلهم العملية فهي تحدثنا عن الأزواج الذين يحضرهم الموت ولهم زوجات فعليهم أن يوصوا لهن في النفقة والسكن لمدة سنة كاملة ما دامت في بيت زوجها أما إذا خرجت منه بعد انقضاء عدة الوفاة واختارت زوجاً آخر فلا إثم على الزوج الذي فارق الحياة ولكن تسقط نفقة السنة عن الورثة ثم تشير الآية إلى التخوف من خروج النسوة وتحثهن على البقاء وأن الله تعالى سوف يفتح عليهن إن صبرن فلو أغلق باب لحكمته فتح باب بلطفه.
الشيخ علي فقيه



