كبائر الذنوب

سِلْسِلَةُ كَبَائِرِ الذنُوْب

الإِسْتِغْفَارُ دَوَاءٌ لِلذنُوب

 

 

الإِسْتِغْفَارُ دَوَاءٌ لِلذنُوب

 

من ألطاف الله الكبرى علينا أنه تعالى لا يأخذنا بالجرم مباشرة، ولا يعجّل لنا العقوبة ليكون معنا مجال واسع من أجل الإنابة والتصحيح قبل حلول الأجل المانع من التوبة والعمل، فلقد جعل الله عز وجل الإستغفار الصحيح النابع من القلب النادم طريقاً إلى محو الذنوب كأنها لم تحصل من الأساس، فمهما تراكمت علينا الذنوب فلا ينبغي أن نيأس من رحمة الله الواسعة لأنه عز وجل لا ينظر إلى الماضي قبل الإستغفار، فإن التائب من الذنب لا ذنب عليه بشرط أن تكون التوبة صادقة، ومعنى الصدق فيها أن لا يكون التائب مخادعاً لنفسه وربه، وبمعنى أوضح أن لا يكون في قرارة نفسه نية الرجوع إلى الخطأ، فلكي يكون الإستغفار دواءاً للذنوب وماحياً للتبعات ينبغي أن يكون حقيقياً، والإستغفار الحقيقي هو ما بيّنه الإمام علي(ع) عندما سمع رجلاً يقول أستغفر الله، فقال(ع) : الإستغفارُ إسم واقع لمعانٍ ست: أولها الندم على ما مضى والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤديَ حقها والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبَه بالأحزان حتى تُلصق الجلد بالعظم وينشأَ بينهما لحم جديد والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول: أستغفر الله:

 

الذنُوبُ الّتِي لا تُمْحى بالإستِغْفَار

 

يكون الإستغفار ماحياً للذنوب في بعض أنواعها دون الأنواع الأخرى، لأن هناك ذنوباً لا يكفي الإستغفار في عملية مسحها وإلغائها، بل لا بد من ضميمة أمور أخرى، ومثال ذلك ظُلمُك لبعض الناس فإن الإستغفار من دون التسامح من المظلوم قد لا يكون مجدياً لأي نفع، وكذا إذا سرقت مالاً من أحدهم وأردت أن تتوب فإن الله تعالى لا يقبل منك التوبة إلا بعد أن تُرجع الحق إلى أهله أو يسامحوك.

 

مَنْ كَانَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ لَمْ يَسْتَغْفِرِ اللهَ مِنْهُ

 

كثير من الناس يدركهم حلول الأجل قبل الإستغفار من ذنوب كانوا قد ارتكبوها قبل موتهم، وكل مؤمن في هذه الحياة معرَّض للوقوع في الخطأ، فمنهم من يرتكب الذنب فيستغفر الله منه ويندم على ارتكابه، ومنهم من يرتكب الذنب فينسى الإستغفار منه وهو يريد ذلك، ومنهم من يرتكب الذنب ويصر عليه ولا يستغفر ربه منه، وإن لكل نوع من هؤلاء حكمه الخاص عند الله تعالى لأن الله عز وجل ينظر إلى القلوب قبل أن ينظر إلى الألسن لأن الإنسان بقلبه وليس بلسانه، فالذي يرتكب الذنب ويتوب منه يأتي يوم القيامة ولا يسأله الله عن الذنب الذي استغفر منه وكأنه لم يرتكبه من الأساس، وهذا من الطاف الإلهية بنا، وهذا ما يشير إليه الإمام السجاد(ع) في دعائه حيث يقول: وتحلُم عنّي حتى كأني لا ذنب لي: وأما الذي يرتكب الذنب وينسى الإستغفار وهو ناوٍ على فعله، فإن حكمه عند الله تعالى حكم المستغفر من الذنب لأننا على ثقة تامة بمدى وحجم الرحمة الإلهية الواسعة التي تسبق غضب الله دائماً، وإننا بحكم هذه الرحمة الواسعة نحن نجرؤ على تبنّي هذا الرأي، وأما المصر على الذنب فمأواه جهنم والله أعلم، وقد يغفر الله ذنوب الإنسان عند الموت، وذلك عندما تشتد عليه سكراته، فقد ورد أن شدة النزع مكفّشر للذنوب.

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى