
الحيض
هو الدم الذي تراه المرأة في زمان مخصوص سواء خرج من الموضع المعتاد ولو بقطنة أو خرج من الموضع العارضي بدفع طبيعي لا بآلة، فلو خرج من الرحم إلى فضاء الفرج دون أن يخرج فلا حيض، فلو خرج ثم بقي داخل الفرج فالحدث باق.
إذا افتضت البكر وشك في دمها أهو من البكارة أو الحيض أدخلت قطنة وصبرت عليها ثم تخرجها فإن كانت مطوقة بالدم فهي من البكارة، وإن كانت مغموسة فهي من الحيض، ولا يجوز لها الصلاة بالأمر الجزمي إلا بعد إجراء الفحص، فإذا تعذر الإختبار اعتبرت بحالتها السابقة من حيض أو عدمه فإن جهلت الحالة فيستحب لها الجمع بين عمل الحائض والطاهرة، والأظهر البناء على الطهارة.
الدم الذي تراه قبل البلوغ وبعد سن اليأس ليس حيضاً، والأولى في غير القرشية الجمع بين تروك الحيض وأفعال المستحاضة بين الخمسين والستين فيما إذا كان هذا الدم لو رأته قبل اليأس كان حيضاً، وأما سن اليأس الموجب لسقوط العدة فهو الخمسين وليس الستين.
يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعده، ويلزم على الحامل ذات العادة الوقتية الجمع بين تروك الحائض وعمل المستحاضة فيما إذا رأت الدم بعد عشرين يوماً من أول عادتها وكان الدم بصفات الحيض، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغيرها سواء.
أقل الحيض ثلاثة أيام وإن استقر داخل الفرج، ولا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة، ولا مع انقطاعه فيما يتوسطه من الليالي، أما الفترات اليسيرة المتعارفة في بعض النساء فلا تضر بالإستمرار، وأكثره عشرة، وكذا أقل الطهر بين الحيضتين، وأما النقاء المتخلل في الحيضة الواحدة فتجمع فيه بين الحائض والطاهرة.
تصير المرأة ذات عادة بتكررها مرتين متواليتين فإن اتفقا في الزمان والعدد فالعادة زمنية ووقتية، أو في الزمان فقط فالعادة زمنية، أو في العدد فهي عددية، فذات العادة الوقتية سواء كان عددية أم لا تتحيض بمجرد رؤية الدم وإن كان أصفراً رقيقاً، وكذا لو رأته قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد مع صدق كونه تعجيلاً في الوقت والعادة في عرف النساء، فإذا انكشف كونه غير حيض لانقطاعه قبل الثلاثة أعادت الصلاة، وغير ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية فقط أم لم تكن لها عادة أصلاً كالمبتدئة فإنها إذا رأت الدم وكان جامعاً للصفات كالحرارة والحمرة والسواد والخروج بحرقة تتحيض بمجرد الرؤية، فإذا انكشف العكس أعادت الصلاة، وإن كان الدم فاقداً للصفات فلا تتحيض به إلا حين العلم باستمراره ثلاثاً ولو كان قبل إكمال الثلاثة، وأما مع احتمال الإستمرار فالأحوط وجوباً الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة، فإذا تقدم الدم بأزيد من المتعارف أو تأخر ولو قليلاً فحكمها حكم غير ذات العادة الوقتية المتقدم، وغير ذات العادة ترجع إلى الصفات مطلقاً إذ لا تثبت العادة بالتمييز.
حكم رؤية الدم مرتين في شهر واحد
دمان لا يقل أحدهما عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة إذا تخلل بينهما نقاء أقل من عشرة فهنا صورتان:
الصورة الأولى: فيما إذا لم يكن مجموع الدمين والطهر الحاصل بينهما أزيد من عشرة كان الدمان حيضاً سواء وقع أحدهما أو كلاهما في أيام العادة أم لا، وأما الطهر المتخلل بينهما فحكمها فيه الجمع بين الحائض والمستحاضة.
الصورة الثانية: أن يتجاوزا العشرة: فهنا لا يكون الدمان معاً حيضاً ولا أحدهما حيضاً مستقلاً، وهنا.. فإن كان أحدهما في العادة دون الآخر كان حيضاً والآخر استحاضة، فلو كان ما في العادة متقدماً زماناً وكان الثاني متصفاً بصفات الحيض كان المقدار الذي لم يتجاوز العشرة من الحيضة الأولى، وأما إذا لم يصادف شيء منهما العادة ولو لعدم كونها ذات عادة فإن كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر كان الواجد حيضاً والفاقد استحاضة، فإن تساويا في الصفات جعلت الأول حيضاً، والأولى الإحتياط في كليهما.
إذا تخلل بينهما أقل الطهر كان الدمان حيضاً سواء كانا واجدين للصفات أم لا وسواء كان أحدهما أو كلاهما في العادة.
الإستبراء والإستظهار
إذا انقطع الحيض لدون العشرة فإن احتملت بقاءه في الرحم وجب عليها الإستبراء ولا يجوز لها ترك العبادة بدونه، فإن خرجت القطنة ملوثة بقيت على الحيض، وإن خرجت نقية اغتسلت، ولا استظهار هنا حتى مع ظن العود إلا مع الإعتياد على ذلك فتحتاط لذلك.
الإستبراء هو أن تُدخل قطنة وتتركها في موضع الدم وتصبر أكثر من الفترة اليسيرة.
إذا تركت الإستبراء لعذر واغتسلت وصادف النقاء صح غسلها، وإن تركته لغير عذر مع مصادفة النقاء ففي صحة غسلها وجهان أقواهما ذلك أيضاً، فإن لم تتمكن من الإستبراء لظلمة أو عمى فتبقى على التحيض حتى تعلم بالنقاء ولكن الأولى لها الجمع بين الحائض والطاهرة إلى أن تعلم فتعيد الغسل وتقضي الصوم.
إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة ولو بالصفرة، فإن كانت مبتدئة أو مضطربة أو عادتها عشرة بقيت على التحيض إلى العشرة أو أن تعلم بالنقاء قبلها، وإن شكّت فيه أعادت الإستبراء، فإن كانت ذات عادة دون العشرة فإن كان الإستبراء في أيام العادة بقيت على الحيض إلى العشرة أو حصول العلم بالنقاء، وإن شكت فيه أعادته، وأما إذا كان بعد انقضاء العادة فإن علمت انقطاع الدم قبل العشرة بقيت على التحيض إلى حين الإنقطاع، وإن علمت تجاوزه عنها اغتسلت وأتت بأعمال المستحاضة، ومع التردد بين الأمرين فالأولى أن تبقى على التحيض استظهاراً يوماً واحداً وتتخير بعده في الإستظهار وعدمه إلى العشرة حتى يظهر حال الدم وأنه ينقطع على العشرة أو يستمر فإن اتضح لها الإستمرار قبل تمام العشرة اغتسلت واستحاضت وإلا فالأولى الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة.
حكم تجاوز الدم عن العشرة
إذا تجاوز العشرة وكان وقتية وعددية جعلت ما في العادة حيضاً وإن كان فاقداً للصفات، والزائد استحاضة وإن كان جامعاً لها، هذا إذا لم يتخلل بينهما نقاء وإلا حُكم بحيضية الواجد لها كما لو كانت عادتها ثلاثة ثم انقطع ثم عاد بصفات الحيض ثم رأت الأصفر وتجاوز العشرة فهنا تجعل الدم الواجد مع ما كان في وقت العادة حيضاً، وأما النقاء بينهما فتجمع فيه بين الطاهرة والحائض.
إذا تجاوز العشرة في المبتدئة والمضطربة فإما أن يكون بعضه بصفات الحيض والآخر بصفات الإستحاضة، وإما أن يكون ذا لون واحد وإن اختلفت مراتبه بأن كان أحدهما أسود والآخر أحمر أو كان الجميع بصفة الإستحاضة مع اختلاف الصفرة، ففي القسم الأول: تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة والواجد لها حيضاً إذا لم يتخللهما أقل الطهر وإلا جعلت الأول حيضاً والثاني استحاضة إذا لم يكن الواجد أقل من ثلاثة ولا أكثر من عشرة وإلا رجعت في تعيين الحيض إلى أحد الطريقين الآتيين بتكميل العدد من الفاقد أو تنقيصه من الواجد.
وفي القسم الثاني: فالمبتدئة تعمل بعادة بعض نسائها إذا لم تخالفها في مقدار الحيض وعدم مخالفة العادة لمن يماثلها من نسائها فلا تقتدي مثلاً بالقريبة من سن اليأس.
وإذا لم يمكنها الإقتداء ببعضهن فتتخير كل شهر بالتحيض فيما بين الثلاثة والعشرة بشرط أن تطمئن لما تختاره أنه يناسبها والأحوط اختيار السبعة، وأما المضطربة فترجع إلى بعض نسائها ثم إلى العدد كما مر فإذا ثبت لها عادة عددية لزمها العمل بها وإن كان أقلها أكثر من ثلاثة وأكثرها أقل من عشرة.
إذا كان عددية ونسيت عادتها فرأت الدم ثلاثة أو أكثر دون أن يتجاوز العشرة فحكمها حكم المضطربة، ولكنها تمتاز عنها بأمرين:
الأمر الأول: إذا كان العدد المفروض سبعة وهي تعلم أن عادتها المنسية إما كانت ثمانية أو تسعة فهنا تجعل القدر المتيقن حيضاً وهو الثمانية.
الأمر الثاني: إذا كان العدد المفروض أكبر من عادتها كما لو كان ثمانية وهي تعلم أن عادتها كانت خمسة أو ستة فهنا تجعل عادتها ستة، وفي غير هذين الموردين فلا عبرة بالعدد المنسي، ولكنها إذا احتملت أنه أكثر من المفروض فالأولى لها أن تعمل فيه بالإحتياط بالجمع بيت تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
إذا كانت وقتية ونسيتها وتجاوز العشرة فحكمها كالمضطربة وقتاً وعدداً، ويختص المقام هنا في موردين:
الأول: ما إذا علمت بأن زماناً خاصاً ـ أقل من الثلاثة ـ ترى فيه الدم فعلاً جزء من عادتها الوقتية ولكنها نسيت مبدأ الوقت ومنتهاه فحكمها حينئذ لزوم التمييز بالدم الواجد للصفات المشتمل على ذلك الزمان وأما مع عدم الاشتمال عليه فتعتبر فاقدة للتمييز فتختار العدد المشتمل عليه على التفصيل المتقدم .
الثاني : ما إذا لم تعلم بذلك ولكنها علمت بانحصار زمان الوقت في بعض الشهر كالنصف الأول منه وحينئذ فلا أثر للدم الواجد للصفة إذا كان خارجا عنه كما أنه ليس لها اختيار العدد في غيره ، هذا والأحوط الأولى لها أن تحتاط في جميع أيام الدم مع العلم بالمصادفة مع وقتها إجمالاً.
إذا كانت عددية وقتية فنسيتها ففيه صور:
الأولى: أن تنسى الوقت دون العدد فترجع في الوقت إلى التمييز وتعمل بعدد عادتها، فإن لم يمكنها الرجوع إليه جعلت العدد في أول رؤية الدم حيضاً وإلا فتجعله بعده كما إذا رأت الدم المتجاوز عن العشرة بعد الحيض من دون فصل عشرة أيام بينهما.
الثانية: أن تنسى العدد دون الوقت مع حفظ بداية وقته تجعل ما تراه في وقتها المعتاد حيضاً سواء كان جامعاً للفات أم لا فإن لم يتجاوز العشرة فجميعه حيض، وإن تجاوزها رجعت في تعيين العدد إلى التمييز أو إلى بعض أقاربها فإن لم يمكن ذلك اختارت عدداً بين الثلاثة والعشرة.
الثالثة: أن تنسى الوقت والعدد، فهنا فروع:
الفرع الأول: إذا رأت الدم بصفة الحيض لا أقل من ثلاثة ولا أكثر من عشرة كان جميعه حيضاً، وأما إذا كان أكثر من عشرة ولم تعلم بمصادفته لأيام عادتها تحيضت به ورجعت في تعيين العدد إلى بعض أقاربها وإلا فتختار بين الثلاثة والعشرة.
الفرع الثاني: إذا رأته بصفة الحيض ليس بأقل من ثلاثة ولا بأكثر من عشرة، ورأت أياماً بصفة الإستحاضة ولم تعلم بمصادفته لأيام عادتها جعلت ما بصفة الحيض حيضاً وما بصفة الإستحاضة استحاضة إلا في موردين تقدم بيانهما.
الفرع الثالث: إذا تجتاوز العشرة وعلمت بمصادفته لعادتها رجعت إلى التمييز إن أمكن وإلا فإلى بعض نسائها ومع عدم الإمكان من الرجوع إليهن اختارت عدداً ما بين الحدين، ولكن يستحب لها الإحتياط في جميع أيام الدم الجامع للصفات والفاقد لها.
إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة أيام وفي الثاني أربعة وفي الثالث ثلاثة وفي الرابع أربعة فلا تثبت لها عادة بل كان حكمها حكم المضطربة، إلا إذا تكرر ذلك كثيراً بحيث تكون عادتها كذلك فعندئذ تعمل بهذه العادة المركبة.
أحكام الحيض
لا يصح من الحائض ما يشترط فيه الطهارة، ويحرم عليها ما يحرم على الجنب، ويحرم وطؤها في القبل وأما في الدبر فلا إشكال من حيث الحيضية بل مطلقاً مع رضاها، فإذا انتهى الحيض جاز الوطء قبل الغسل، ولكن الأحوط وجوباً لها أن تغسل فرجها قبله.
يستحب له إذا وطأها في أول الحيض أن يكفّر بدينار، وفي الوسط بنصف دينار وفي الآخر بربع دينار، ولا شيء على الساهي والناسي والجاهل بالحكم أو الموضوع.
لا يصح طلاق الحائض وظهارها إذا كان مدخولاً بها ولو دبراً إلا أن تكون مستبينة الحمل، فلو طلقها على أنها حائض فبان العكس صح الطلاق، أو العكس فلا يصح.
يجب عليها الغسل من الحيض لكل ما اشترط فيه الطهارة، ووجب عليها قضاء الصوم في رمضان والمنذور المعيّن، ولا يجب عليها قضاء الصلاة اليومية وصلاة الآيات والمنذورة في وقت معين.
يصح منها الغسل لغير الحيض كما لو كانت على جنابة، وكذا الوضوء والأغسال المندوبة دون غسل الجمعة.
يستحب لها التحشي والوضوء في وقت كل صلاة واجبة وأن تجلس في مكان طاهر وتستقبل القبلة وأن تذكر الله تعالى والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع، ويكره لها الخضاب بالحناء أو غيرها أو حمل المصحف أو لمس هامشه.



