دروس

آيَةٌ وَرِوَايَة

العَهْدُ الإِلهِي

قال تعالى:
“أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ”

خطابٌ إلهيٌ إلى الذين اتبعوا الهوى، وأداروا مسامع قلوبهم إلى الشيطان الغوي، فعبدوا الشيطان بانصياعهم له واستسلامهم لوسوساته، وتخلوا عن عبادة الرحمن الواجبة والمستوجبة للرحمة الدائمة.
فإذا كان هذا الخطاب حكاية عما سيقوله الله لنا في يوم القيامة كان المراد بالعهد هو الهعد الذي أخذه علينا في دار الدنيا عن طريق إرسال الأنبياء(ع) وإنزال الكتب السماوية.
أما إذا كان الخطاب في الدنيا لأهل الدنيا فللعهد الذي أخذه علينا معنيان:
المعنى الأول: أن يكون المراد بالعهد هو الذي عاهد به الناس ربهم عندما رأوا الأنبياء ومعجزاتهم واطلعوا على الكتب السماوية ثم أخلفوا كما فعل بنوا إسرائيل.
المعنى الثاني: أن يكون المراد به هو الذي أخذه الله علينا قبل وجودنا في عالَم الدنيا، أي في عالَم الذرّ، وإلى ذلك يشير الله تعالى بقوله(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)
ولهذا فإن كل إنسان منا يولد مفطوراً على معرفة الله وتوحيده إلا أنه هو الذي يتخذ سبيلاً مغايراً لما عاهد اللهَ عليه من قبل.
وقد تحدث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه عن هذا الأمر عندما قال: وَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرفَتِهِ، وَاقتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ، فَبَعَثَ فِيهمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِياءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بَالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ:
عن الإمام الصادق (ع) تعليقاً على الآية بقوله:أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكن أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون:
وعن الباقر (ع) أنّه قال:من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدّي عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق يؤدّي عن الشيطان فقد عبد الشيطان:

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى